إن أحد أهم التداعيات التي تزامنت مع ثورات الربيع العربي الثاني في كل من لبنان والسودان والعراق والجزائر هو تصاعد حدة الصراعات الإقليمية بالمنطقة العربية وتراجع شديد في الحقوق والحريات ، إلا أن ثمة متغيرات رئيسية أنتجتها التطورات المتسارعة في المنطقة خلال الأعوام الأربعة الأخيرة (2019-2023).
هذا المشهد المرتبك والمتراجع يدفعنا لتناول أوضاع النساء بالمنطقة العربية خلال السنوات الأربعة الماضية (2019-2023)، والتي شهدت العديد من المتغيرات التي انعكست على مسار التمكين السياسي للنساء بالمنطقة العربية، ومنها إصدار بعض الدول العديد من القوانين والتشريعات التي أثرت بالسلب أو بالإيجاب على دور النساء السياسي، ونخص بالذكر دول “الربيع العربي الثاني” والذي امتد الحراك الشعبي فيها ليؤثر وبشكل مباشر على البيئة السياسية والأمنية والقانونية المحيطة بوضع النساء، وامتد التأثير ليشمل مستقبل الدور السياسي للنساء بدول المنطقة. سوف يتم تناول أوضاع النساء بالمنطقة عبر تحليل لنموذج ثمانية دول في المنطقة وهي: تونس، المغرب، الجزائر، العراق، السودان، فلسطين، اليمن، ولبنان.
يصدر هذا التقرير في ظل أوضاع قد تكون الأصعب على المنطقة العربية منذ نكسة عام 1967، فيما نجد أن نساء المنطقة وحراكاتها الاجتماعية والسياسية تقف بين مطرقة العنف وسندان القمع وتكبيل الحقوق والتضييق على الحريات العامة والفردية وانتهاكها من قبل قوى الأمر الواقع والمليشيات والمجموعات المسلحة في بعض الدول، أو من قبل الأنظمة الحاكمة نفسها والحكومات في دول أخرى.
تم إعداد هذا التقرير من قبل نساء فاعلات في مجتمعاتهن سياسياً واجتماعياً، ما يجعله شهادة حية على ما يحدث لنساء تلك المنطقة، وكذلك على محاولات الحركات السياسية والاجتماعية النسائية والنسوية المختلفة لطرح نهج تشاركي وتقاطعي من أجل النهوض بحقوق النساء وتحسين أوضاعهن من منظور سياسي يؤمن بأهمية مشاركتهن في المجالين العام والخاص دون الفصل بينهما، ويسعى لتحقيق التضامن في المنطقة ومشاركة الخبرات.