عن الملتقى

شهدت المنطقة العربية حراك شعبي ديمقراطي وثورات أطاحت بالحكام المستبدين بالمنطقة العربية خلال السنوات الخمس الأخيرة لتكشف عن وجود خلل في بنية الدول الوطنية بالمنطقة، وهو ما أثر على تماسك بعض الدول مثل ليبيا واليمن واللاتي أصبحت "دول هشة". فلم تعد التهديدات الإرهابية والانشقاقات والصراعات السياسية وحدها هي ما يهدد استقرار الدولة، وإنما غياب مفهوم المواطنة والديمقراطية عن أداء وسياسات الأنظمة الحاكمة في دول المنطقة العربية، وتنامي الإسلام السياسي الذي استطاع السيطرة على عدد من مراكز الحكم وعلى بعض مؤسسات العمل الأهلي وتمكن من نشر التطرف الديني في عدد من البلدان العربية. كان لضعف مفهوم المواطنة وانتشار الإسلام السياسي، والممارسات والتوجهات الاستبدادية من قبل السلطات الحاكمة أثر سلبي على مشاركة النساء في السياسة كما كان لازدياد وتيرة العنف تجاه النساء في المجال العام، وتدهور الأوضاع الأمنية المانعة لممارسة الحياة السياسية والاجتماعية، وازدياد وتيرة العنف بكافة أشكاله الموجه ضد النساء في المجتمعات العربية، أثر بالغ الخطورة على قدرة النساء على التواجد  في المجال العام وعلى سلامتهن في المجال الخاص.

فرضت هذه الاعتبارات أدوار جديدة على المجتمع المدني والحقوقي والحركات النسوية في السعي لتعزيز وتمكين النساء من حقوقهن السياسية والمجتمعية، فكما أوضحت بعض التقارير حول وضع النساء في السياسة بمنطقة الشرق الأوسط فجاء تقرير"مؤشر فجوة النوع الاجتماعي للمنتدى الاقتصادي العالمي2013" بأن المنطقة تحتل المرتبة الأدنى في الفرص والتمكين السياسي للنساء، وأضاف تقرير الاتحاد البرلماني الدولي المتعلق بالتقدم في المنطقة العربية بأن وضع النساء في السياسة مازال بطيئاً بوقوفه عند 19% في عام 2010، و19.5% في عام 2011، لذا فمشاركة النساء في مسارات صنع القرار على المستوى الوطني ما زالت محدودة. وفي ظل هذا الواقع، جاءت فكرة الملتقى الإقليمي للنساء في السياسة داخل المنطقة العربية لتضم السياسيات: النساء اللاتي يعملن بالسياسة سواء كن داخل مؤسسات الدولة أم كنّ عاملات بالحقل السياسي من خلال الأحزاب أو النقابات المهنية والعمالية، وأيضًا عضوات الآليات الوطنية لحقوق النساء أو الوزارات المعنية بهذه الحقوق. وبالتالي نضم في تعريفنا لهن عضوات المجالس التشريعية والنيابية والمجالس التأسيسية/اللجان الدستورية، القيادات الحزبية من النساء، وأيضًا ممثلات عن المنظمات والمجموعات النسوية أو المعنية بحقوق النساء التي تعمل على السياسات والتشريعات المؤثرة في وضعية النساء في المجتمعات المختلفة.

وعلى خلفية الحراك المجتمعي الديمقراطي والثورات العربية والإصلاحات في العديد من الدول عقدت "نظرة" عدد من اللقاءات التشاورية الإقليمية للنساء في السياسة أولها في شهر يوليو/تموز 2015 لبحث سبل التعاون وتبادل المعرفة والتجارب العميقة لهؤلاء السياسيات، وطرح سؤال النساء في بلدان "الربيع العربي" كيف كانت مشاركتهن في صنع القرار السياسي لتغيير الأوضاع والأنماط التقليدية المسيطرة على المجتمع العربي؟ وكيف استطعن تعديل أو إلغاء القوانين الوطنية التي تعرقل مسيرة النساء في شتى المجالات؟ التساؤلات كثيرة وكبيرة حول وضع النساء في أجندة التيارات والأحزاب في تلك الدول؛ وأهمية مشاركة النساء في المرحلة الانتقالية ووضع قضايا النساء في السياسة بالمنطقة العربية، وإمكانية التغيير بعد إسقاط أنظمة سياسية ديكتاتورية، وأيضاً العمل على تغيير الأنظمة الثقافية الذكورية التي لا تسمح للنساء بممارسة حقوقهن.

وبتقديمهن لتجاربهن في دول التحول الديمقراطي المعروفة "بدول الربيع العربي" مثل مصر وتونس وليبيا واليمن، طُرح وضع النساء في ظل التحول الديمقراطي التي مرت به تلك البلاد وسبل مشاركة النساء الفعالة والمستمرة في الثورات والمطالبة بالإصلاحات السياسية والتشريعية والاقتصادية والاجتماعية، ومواجهة المجتمعات العربية بالرفض لوضع قضايا النساء على أجندة البناء الديمقراطي في بداية الأمر، ولكن مع استمرار المطالبة والضغط من قبل السياسيات والقيادات الحزبية والمجتمعية والمنظمات النسوية، واستمرار عمل الحركات النسوية في مختلف البلدان العربية للمطالبة بوضع قضايا النساء ضمن الأولويات السياسية تغير الوضع في بعض الدول.

فقد تمكن بعضهن من إدماج قضايا النساء في دساتير هذه الدول، ونجحت الحركات النسوية في عدد من دول المنطقة العربية في تحقيق مطالب مختلفة من خلال وضع مواد دستورية تضمن المساواة في الحقوق والواجبات بين النساء والرجال في تلك الدول مثال المادة الحادية عشر في الدستور المصري لعام 2014، ووضع مواد دستورية لمناهضة التمييز ضد النساء.

وتوجد بعض الأمثلة لدول حققت تقدم في قضايا تمثيل النساء في مجالسها النيابية، من خلال التدابير الإيجابية كنظام الحصص والتناصف في الدستور أو في قانون الانتخاب أو عن طريق التعيين المباشر. مثال دولة تونس وأحدث الإحصائيات الخاصة بانتخاب 68 سيدة من أصل 217 عضو مما يمثل 31.33% من مجلس نواب الشعب الجديد الذي انتخب في 26 أكتوبر 2014.

واستمر التشاور حول أهمية وجود كيان إقليمي يجمع السياسيات المعنيات بقضايا النساء والناشطات النسويات بعقد اللقاء التشاوري الإقليمي الثاني للنساء في السياسة في الرابع عشر من ديسمبر 2015، بحضور سياسيات من دول تمر بإصلاح تشريعي ومؤسسي مثل المغرب، والسعودية، والأردن، ولبنان، بالإضافة إلى عضوات من لجنة التسيير المختارة في الاجتماع السابق عليه.

وبناءاً على اللقاءين الإقليميين للنساء في السياسة داخل المنطقة العربية، اتفقت الحاضرات على ضرورة تأسيس ملتقى للنساء في السياسة يجمع بين السياسيات بالتعريف الواسع المذكور في بداية الورقة ليحقق مجموعة من الأهداف لتحقيق المساواة بين النساء والرجال في مجتمعاتهن سواء في الحياة السياسية أو المدنية، والحصول على حقوقهن في المجال العام والخاص، ووضع مبادئ وأهداف عامة حاكمة لملتقى النساء في السياسة بالمنطقة العربية.

المبادئ الحاكمة لملتقى النساء في السياسة بالمنطقة العربية:

  • الإيمان بضرورة تواجد النساء في دوائر صنع القرار سواء داخل مؤسسات الدولة أو المؤسسات الاجتماعية والسياسية المختلفة مثل النقابات- العمالية والمهنية- والأحزاب وغيرها.
  • الالتزام بالمساواة النوعية، المواطنة، والديمقراطية.  
  • التضامن النسوي السياسي الفعلي بالمنطقة العربية.

المبادئ العامة لعضوات الملتقى:

  • يعتبر "ملتقى النساء في السياسة بالمنطقة العربية" كيان له قيم نسوية واضحة تحدد خطاب هذا الملتقى وآليات عمله وما يقوم به من أنشطة، وفي هذا الإطار يضع "الملتقى" قيم وعناصر توجهاته. وتؤمن عضوات "الملتقى" بضرورة تمكين النساء من الوصول لمواقع القرار والمشاركة في السلطة على اختلافهن الفكري والاجتماعي والسياسي، وتتخذ هؤلاء العضوات النسوية كمرجعية فكرية ويؤمنّ بضرورة مناهضة السلطة الأبوية القائمة في المجتمعات العربية، ويضعن تحسين وضعية النساء في مجتمعاتهن أولوية سياسية على أجندة عملهن.
  • يعتمد "الملتقى" تعريف النسوية وهو: "النسوية هي موقف سياسي نقدي يرفض علاقات القوة غير المتوازنة بين الرجال والنساء ويسعى إلى تفكيك المسلمات الداعمة للنظام الأبوي/ الذكوري، ويعمل على خلق بدائل على المستوى الفكري والعملي." تأصيل مبدأ المواطنة والمساواة للنساء في كافة المجالات وكافة الحقوق، سياسية كانت أو اجتماعية أو اقتصادية وغيرها.
  • الموقف النسوي هو المنطلق الرئيسي وهو ما يجمع نساء هذا الملتقى دون تفرقة بينهن على أساس التوجه السياسي، طالما يؤمنّ بالمواطنة والديمقراطية وتداول السلطة وعالمية حقوق النساء جميعها ويضعن قضايا النساء ومناهضة التمييز ضدهن دائماً في أولوية عملهن.
  • التضامن هو أحد الأسس النسوية ووضعه كأساس هو أحد السبل لضمان قيام الملتقى. الإيمان بأن النسوية هي إطار فكري متعدد من حيث مجالات العمل والآليات.
  • إن تطبيق تدابير التمييز الإيجابي لتمكين النساء في السياسة من أجل الوصول إلى المساواة الكاملة خاصة فيما يتعلق بوصولهن لمواقع صنع القرار هو أحد الأولويات لتحسين وضع النساء في المجتمعات العربية.

الهدف العام:

يعمل الملتقى كجماعة مناصرة لكل القضايا التي تهم النساء في المنطقة العربية وجماعة تفكير من أجل التمكين السياسي للنساء في السياسة بالمنطقة العربية المبني على التضامن النسوي.

الأهداف التنفيذية لملتقى النساء في السياسة بالمنطقة العربية:

  • إصدار تقرير سنوي حول أوضاع النساء في المنطقة العربية، والمشاركة في تقديمه إلى لجنة وضعية المرأة (CSW).
  • العمل المشترك للضغط على الدول العربية للتصديق على الاتفاقيات الدولية، والمطالبة برفع التحفظات عن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في كافة الدول العربية.
  • متابعة الانتخابات في كافة المؤسسات السياسية والنقابية من منظور النوع، وإصدار تقديرات موقف حولها.
  • العمل المشترك وتبادل الزيارات والخبرات مع البرلمانات في المنطقة العربية لتحقيق المساواة للنساء، ومخاطبة اللجان البرلمانية العربية مباشرة حول قضايا بعينها.
  • العمل المشترك مع الآليات الوطنية والوزارات الخاصة بالنساء داخل دول المنطقة لتطويرها وتقوية أدوراها.
  • العمل مع آليات مناهضة التمييز وتكافؤ الفرص إن وجدت، والعمل على تطبيق سياسات مستجيبة للنوع.
  • التضامن من خلال إصدار البيانات المشتركة- مراسلة جهات دولية - مراسلة الجمعيات للحكومات الوطنية - عقد مؤتمرات صحفية وغيرها من الوسائل.

الآليات:

  • وضع آليات تفعيل الملتقى لتحقيق أهم مبادئه الحاكمة في تبني خطاب نسوي يضمن تواجد النساء في المجال العام، ووضع قضاياهن على أجندة المشرع في المنطقة، وأجندة الحكومات عند وضع السياسات العمومية، وزيادة تمثيل النساء في مواقع صنع القرار في المؤسسات السياسية والاجتماعية. ومن أهم الآليات الناجحة هي الضغط من قبل المجموعات النسوية، الأحزاب السياسية الديمقراطية، النقابات، والمؤسسات السياسية من أجل التزام الدول بالاتفاقيات الدولية والمعاهدات المصدقه عليها الدول لما لها من قوة القانون وفعاليتها في قضايا النساء وتحقيق المواطنة، والعمل المشترك بين المنظمات النسوية على الصعيد الوطني والإقليمي. وهناك أهمية كبرى لوضع إستراتيجية إقليمية لمناهضة التمييز ضد النساء والعمل على سد الفجوات في الدساتير والقوانين وفقاً للاتفاقيات والمواثيق الدولية. لذلك وجب على الملتقى العمل مع آليات وأطر قانونية ودولية وإقليمية. وتقسم آليات ملتقى النساء في السياسة بالمنطقة العربية إلى آليات داعمة وآليات مستهدفة.
  • آليات داعمة تتضمن الآليات الدولية: تبنى ملتقى النساء في السياسة بالمنطقة العربية المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والإعلانات الصادرة عن الأمم المتحدة ومنها على سبيل المثال: الشرعة الدولية لحقوق الإنسان. وهناك أيضاً مرجعيات دولية أخرى يمكن أن يراها الملتقى كأدوات لتحقيق أهدافه مثل منهاج عمل بكين، وأهداف التنمية المستدامة 2030 كأمثلة.

آليات مستهدفة:

التفاعل النقدي من قبل ملتقى النساء في السياسة بالمنطقة العربية مع الآليات العربية والإقليمية كآليات مستهدفة من أجل تطويرها لتمكين النساء في السياسة.