

مع تأزُم الأوضاع السياسية في العديد من دول المنطقة العربية، واستمرار "الأحسم" بدول الصراعات، ومحاولات بعض الأنظمة السياسية بدول الربيع العربي العودة لما قبل الثورات بمزيد من الارتداد العكسي علي المسار الديمقراطي، وتهميش النساء في الحوار السياسي بدول الانتقال الديمقراطي، وهو ما سيؤثر بشكل مباشر علي المكاسب النسوية التي تحققت منذ ثورات الربيع العربي 2011، وإن كانت مكاسب محدودة بالنسبة للمطالب النسوية الحتمية، ومن ثم أصبح الوضع العام بدول المنطقة يُنبأ بمزيد من التراجع والتأزم علي المستوي النسوي وهو ما تطلب تحرك نسوى عبر الانتقال من مرحلة إصدار البيانات والضغط المحلي النسوي إلي الاشتباك السياسي علي المستوي الإقليمي عبر تشكيل مجموعة نسوية يمكن أن نُطلق عليها "مجموعة الأزمات النسوية"، تعتمد علي مفهوم "المسار الثاني"Soft Track Two، عبر طرح مبادرات تضمن العدالة الجندرية بدول الأزمات والصراعات والتحول الديمقراطي بالمنطقة.
ومن ثم عقد ملتقى النساء في السياسية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عدة اجتماعات داخلية بين عضوات الملتقى ومع بعض الرموز النسوية بدول المنطقة وتم الاتفاق علي بدء العمل علي التحرك علي مستوى الاشتباك السياسي بدول المنطقة علي أن تكون المرحلة الأولى دول الربيع العربي 2 ( السودان – العراق – لبنان- الجزائر) بالإضافة لدولة تونس، لما تشهده هذه الدول من تحولات عنيفة علي المستوى السياسية والاقتصادي والاجتماعي وانعكاسه علي أوضاع النساء، ما يعني أهمية التحرك السريع للاتفاق علي مبادرة نسوية تساعد علي حلحلة الأزمة السياسية الداخلية بالإضافة لضمان وجود أجندة نسوية علي طاولة الحوارات المحتملة الخاصة بعملية التسوية الوطنية، على آن يبدأ الملتقى في التحرك بالمرحلة الثانية بباقي دول المنطقة.
وقد اتفقت عضوات الملتقى أن يكون الاسم الجامع للمبادرات الخاصة بكل دول (نحو عدالة جندرية)، على أن تشمل كل مرحلة عدة جوالات بالدولة الواحدة حتى يتحقق الهدف المرجو من المبادرة.
هذا التصور تم اعتماده من قبل ملتقى النساء في السياسية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بعد حوار بين العضوات، عبر تشكيل وفد نسوى من عضوات الملتقى يقوم بلقاء المجموعات النسوية والقوى السياسية المدنية والمجتمع المدني والنقابات الوطنية وكانت البداية بدولة لبنان في محاولة لسعي الملتقى للتواصل مع الفاعلين المحليين والإقليميين والدوليين لمناقشة وضع النساء منذ حراك تشرين الأول /أكتوبر 2019.
وقد أجريت الجولة الأولى بدولة لبنان في أغسطس/آب 2021، بذكرى انفجار مرفأ بيروت الأولى 15 أغسطس/آب 2021، بحضور وفد من عضوات الملتقى وهن ( الأستاذة/ ريزان من العراق السكرتيرة التنفيذية للملتقى- الأستاذة/ أحلام بلحاج من تونس عضوة الملتقى)، وقد شملت المرحلة الأولى عقد سلسلة من اللقاءات مع مكونات الحراك المدني والثوري في لبنان على النحو التالي: (حركة من تشرين - حركة لحقي - مجموعة بيروت مدينتي - مجموعة نحو وطن - مجموعة ثورة تشرين ، العديد من منظمات المجتمع المدني اللبناني ورموز شبابية ونسائية من قوى الحراك الشعبي) واستمرت الجولة لمدة أربعة أيام.
وتم مناقشة تصورات القوى السياسية الثورية والمجتمع المدني لوضع النساء بعد عامين من ثورة تشرين الأول / أكتوبر 2019، وانعكاس الوضع السياسي علي النساء في لبنان، وما هي الأجندة النسوية المقترحة لتحسين وضع النساء وطرح التصورات الخاصة بالنساء داخل برامج الحركات السياسية الثورية والمرشحين المحتملين لمجلس النواب المقرر عقد انتخاباته في 15 مايو/ أيار 2022.
وفي المرحلة الثانية التي أجريت في الفترة من (18 نوفمبر/تشرين الثاني 2021- 21نوفمبر/تشرين الثاني 2021). وشملت لقاءات مع القوى السياسية التقليدية من أحزاب حاكمة وممثلة في البرلمان اللبناني، وشملت اللقاءات القوى التالية ( تيار المستقبل – التيار الوطني الحر - حزب سبعة - حزب القوات – حزب الكتائب - حزب الكتلة الوطنية - الحزب التقدمي الاشتراكي - حزب التوحيد العربي - حزب 10452- حزب لنا - حركة أمل). وتم مناقشة تصورات القوى السياسية والأحزاب السياسية لوضع النساء سواء على مستوى تمثيل النساء في الهياكل الحزبية أو نسب طرح النساء في مجلس النواب القادم مايو 2022، ورؤية الأحزاب السياسية لوضع المرأة في المجال العام وانعكاس الوضع السياسي علي النساء في لبنان، وما هي الأجندة النسوية المقترحة لتحسين وضع النساء وطرح التصورات الخاصة بالنساء داخل برامج الأحزاب السياسية والمرشحين المحتملين لمجلس النواب المقرر عقد انتخاباته في 15 مايو / أيار 2022.
وجاءت المرحلة الثالثة من جولة الملتقي في فبراير/شباط 2022، بحضور الأستاذة / ريزان من العراق السكرتيرة التنفيذية لملتقى النساء في السياسية بالمنطقة والأستاذة/ مزن حسن المنسقة لملتقى النساء في السياسية بالمنطقة، حيث شملت اللقاءات قوى سياسية حزبية وثورية لعرض نتائج الجولتين من الحوار، والتأكيد علي وضع بعض التصورات النسوية ببرامج الأحزاب والمرشحين في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 15 أيار / مايو 2022، وقد شملت الجولة لقاء بعض المرشحين ورؤساء أحزاب ورموز من القوى السياسية علي النحو التالي ( الوزير أشرف ريفي- الوزير حسن مراد – لائحة بيروت للتغيير – لقاء بعض المرشحات لانتخابات مجلس النواب - لقاء مع الشبكة العربية لمراقبة الانتخابات في لبنان) وقد عقد الوفد مؤتمر صحفي في 30 آذار / مارس 2022 لإعلان بيان حول نتائج ومخرجات اللقاءات علي مدار ثلاث مراحل منذ أغسطس / آب 2021 حتى فبراير/شباط 2022. بحضور ممثلي للقوى والأحزاب التي تم عقد معهم لقاءات خلال المراحل الثلاثة من الزيارات. وجاء اتفاق القوي السياسية المختلفة على بعض النقاط وهي:
- العمل على رفع نسبة تمثيل النساء في تشكيل الحكومة المقبلة.
- التقدم بمشروع قانون يحمي النساء من التشهير والتحرش السياسي.
وهناك بعض التصورات الأخرى التي لاقت ترحيباً من بعض القوى السياسية مع تحفظ البعض الآخر، حيث تعهد بعضها من أحزاب وقوى الحراك وممثليهم في اللوائح الانتخابية بالعمل على:
- التقدم بمشروع قانون يعطي حق الجنسية لأبناء الأم اللبنانية وحقوق الحضانة.
- التقدم بمشروع قانون لتخفيض سن الاقتراع وسن الترشح ل 18 عاماً.
- التقدم بمشروع قانون لمناهضة العنف الأسري.
- التقدم بمشروع قانون يلزم الدولة اللبنانية بوجود سيدة واحدة على الأقل داخل القوائم الانتخابية
- زيادة نسبة تمثيل النساء داخل المكاتب السياسية والمناصب القيادية في أحزابهن وحركاتهن ودعمهن بما يضمن تمثيل عادل لهن ولقضاياهن
وسوف يستمر ملتقى النساء في السياسة بالمنطقة بالعمل، مع شركائهم/ن من المجتمع المدني والحركات النسوية داخل لبنان وبالمنطقة، على دعم قضايا النساء في المجال العام اللبناني.