الفصل الأول: وضع النساء في الدساتير والتشريعات الوطنية

تعتبر الدساتير هي الوثيقة الأساسية التي تحدد القواعد الرئيسية لشكل الدولة وتضم الحقوق والواجبات الأساسية للمواطنات والمواطنين. وبالتالي فاللدساتير والقوانين تأثيراً مباشراً على حيوات النساء في المجالين الخاص والعام. يمكن أن تكون وسيلة لتعزيز المواطنة والمساواة، وفي المقابل يمكن أن تكون أداة للتمييز والإقصاء وتهميش النساء. لذلك نجد أن الحركات النسوية في المنطقة تهتم دائماً بالحصول على استحقاقات دستورية وقانونية على صعيد قضايا المساواة ومناهضة التمييز وفي الحقوق والحريات والمشاركة العادلة للنساء بالمجالين العام والخاص.

أدرجت أغلب دول المنطقة مواداً بدساتيرها مخصصة للمساواة بين الرجال والنساء، ولكن اختلافات صياغة كل دستور أثرت بشكل أو بآخر على ترسيخ تلك المفاهيم. فبعض الدساتير اكتفت بالنص على المساواة بين جميع المواطنين والمواطنات، والبعض الآخر قام بشرح وتفصيل هذا الحق وإعطاء النساء عدد من الضمانات لتحقيق تلك الحقوق.

أولاً: منطقة شمال أفريقيا

المغرب

يُلزم دستور المملكة المغربية الدولة بحظر ومكافحة كافة أشكال التمييز ومن بينها التمييز على أساس الجنس. ينص دستور المغرب أيضاً على المساواة بين المواطنات والمواطنين في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية. كذلك المساواة بين الرجال والنساء في التمتع بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية. أخيراً يُلزم الدستور الدولة بالسعي نحو تحقيق مبدأ المناصفة بين النساء والرجال، واستحداث هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز. مع ذلك التطور الكبير في الحقوق الدستورية للنساء المغربيات، ظلت عملية تعديل القوانين لتتناسب مع الدستور الجديد، وإصدار تشريعات جديدة تحقق تلك الحقوق عملية بطيئة وغير مكتملة بعد. مثال على ذلك هو قانون رقم 13-103 الخاص بمحاربة العنف ضد النساء، والذي ناضلت النساء المغربيات طويلاً حتى يتم إصداره بالشكل الذي يحقق الحماية والعدالة لهن، فقد استغرق الأمر ثماني سنوات منذ دستور 2011 حتى يخرج إلى النور في عام 2018.1 وشمل هذا القانون تصرفات مثل الإكراه على الزواج والتحرش الجنسي والتهرب من دفع النفقات ومتطلبات الأسرة الأساسية. لكن المنتقدين للقانون اعتبروا أنّ القانون الجديد يُوفر الحماية القانونية ولكنه ضعيف من ناحية الحماية القبلية والبعدية للضحايا، وبه ثغرات ينبغي معالجتها.

فالقانون الجديد يجرم بعض أشكال العنف الأسري ويُنشئ تدابير وقائية ضعيفة، كما يُوفر حماية جديدة للناجيات. لكنه يُطالب الناجيات برفع دعوى قضائية للحصول على الحماية، ولا يستطيع سوى القليل منهن فعل ذلك. كما أنه لا يُحدد واجبات الشرطة ولا النيابة العامة أو قضاة التحقيق في حالات العنف الأسري، أو تمويل مراكز إيواء النساء.

من جهة أخرى، يتضمن القانون الجديد أحكاماً إيجابية مثل تعريف العنف ضد المرأة على أنه "كل فعل مادي أو معنوي أو امتناع أساسه التمييز بسبب الجنس، يترتب عليه ضرر جسدي أو نفسي أو جنسي أو اقتصادي للمرأة". ومع ذلك، فإنه لا يُقدم تعريفاً للعنف المنزلي ولا يُجرم صراحة الاغتصاب الزوجي المسكوت عنه.

يتضمن القانون الجديد عيوباً كبيرة تترك المرأة عُرضة لخطر العنف الأسري، بما في ذلك عدم وجود أحكام بتمويل الإصلاحات. كما يسمح القانون بقرارات الحماية التي تمنع المتهم من الاتصال، أو الاقتراب، أو التواصل مع الضحية. لكنها لا تصدر إلا أثناء المقاضاة أو بعد الإدانة. وعلاوة على ذلك، يُمكن إلغاء هذه القرارات إذا تصالح الزوجان مما يزيد من الضغط على النساء لإلغاء هذه القرارات. أخيراً، يتبين أن الباب الثاني قد عنونه المشرع بـ "أحكام زجرية"، وقبل توضيح تضخم السياسة العقابية في صناعة التشريع عند المشرع المغربي، لا بد أن نشير إلى أن عنونة الباب الثاني "بأحكام زجرية" هي صياغة غير دقيقة، على اعتبار أن لفظة "الأحكام" لها مفهوم معين وتصدر عن الجهة التي أوكل إليها المشرع الفصل في الخصومات، فكان على المشرع أن يتجنب عبارة " أحكام زجرية" ويستعين بعبارات أخرى من قبيل "العقوبات". من جهة أخرى، فقد خصص المشرع للباب الثاني المتعلق بالأحكام الزجرية المواد 2 و3 و4 و5، وهي في معظمها مغيرة ومتممة للقانون الجنائي. حيث سعى من خلالها المشرع عبر اعتماد تقنية الإحالة، وذلك بالإبقاء على نفس النصوص التي تضمنها القانون الجنائي والعمل على تشديد العقوبة وإضافة تدابير وقائية شخصية جديدة فيها.

تطورت مدونة الأسرة منذ اعتمادها لأول مرة بعد الاستقلال مباشرة، حيث كانت بداياتها محافظة في بعض المواد. ويرى البعض أن القانون خرج بذلك الشكل لإرضاء العشائر والقوى الوطنية المحافظة وليؤكد بأن ميزان القوى الأبوي لن يتغير. وقد ناضلت النساء وضغطن طويلاً لتغيير مواد القانون. ففي عام 1993 استطاعت حملة المليون توقيع في تمرير بعض الإصلاحات بالمدونة. وفي عام 2004 تم اعتماد إصلاحات جديدة غيرت من شكل المدونة. فمثلاً تم رفع السن القانوني للزواج من 15 إلى 18 للنساء، واشترطت موافقة النساء على الزواج، وأعطت النساء حق الحضانة خلال فترة إجراءات الطلاق بجانب إلزام الأب بدفع مصاريف رعاية الأطفال. بالإضافة إلى ذلك، أعطي القانون النساء الحق في طلب اقتسام الممتلكات التي نتجت عن مدة الزواج بنسبة معينة حسب مشاركتها في تكوين هذه الثروة. ووصى القانون بإنشاء محاكم خاصة بالأسرة لتطبيق القانون والفصل في المنازعات التي ترتبط بالمدونة. لم تكتف النساء المغربيات بذلك، بل عقدن حملات ضغط لمراجعة قانون الجنسية، وهو ما حدث بالفعل ليعطي النساء الحق في توريث جنسيتهن المغربية لأطفالهن. وعلى صعيد تمثيل النساء في المجالس المنتخبة، فتم إضافة نظام الحصص أو "الكوتا" للمجالس التشريعية والبلدية. وفي عام 2014، عدل البرلمان المغربي المادة 475 من قانون العقوبات الذي أبرأ المغتصب من تهمته إذا ما تزوج ضحيته، وألغى ذلك الانتهاك بحق أجساد وحياة النساء. وأخيراً في عام 2018، وبعد سنوات عدة من وعود الحكومة، تم إقرار قانون مكافحة العنف ضد المرأة.

تونس

تعتبر تونس في مقدمة دول المنطقة من حيث القوانين التي توفر المساواة والحماية والدعم للنساء التونسيات. وتعد مجلة الأحوال الشخصية أحد أشهر تلك القوانين، ويعود الفضل في إصدارها أولاً إلى  حراك النساء التونسيات الذي بدأ مع أوائل القرن العشرين، وأخذ في التطور إلى أن حصلت تونس على استقلالها. حينها طالبت النساء بإصلاحات قانونية واسعة لتعزيز حقوقهن في المجالين الخاص والعام.  وثانياً إلى توجه الرئيس التونسي الأول الحبيب بورقيبة نحو الانفتاح واختياره للحداثة كمشروع وطني في بناء تونس الحديثة بعد الاستقلال، وكانت قضايا النساء في قلب سياساته. فنتج عما سبق إصلاحات قانونية منها مجلة الأحوال الشخصية، والتي مكنت النساء من الحصول على كثير من الحقوق؛ مثل تجريم تعدد الزوجات ورفع السن القانوني للزواج وإعطاء النساء المطلقات مزيداً من الحقوق. جدير بالذكر أن المجلة لم تكن منحة من بورقيبة للنساء، لكن هي نتاج نضال نساء عديدات طالبن بتلك الحقوق، وناضلت أخريات للدفاع عنها ضد القوى السياسية والاجتماعية المحافظة. وبوجه عام، كان للمجلة ميزة أخرى؛ وهي أنها فتحت النقاش حول مسألة تبني الدولة للخطاب النسائي أو النسوي، ومدى إمكانية تغييرها للثقافة المجتمعية والرأي العام تدريجياً نحو تطبيع حقوق النساء، وما ينتج عنه من استحقاقات للنساء لم تكن متوفرة من قبل. ويحدث هذا فقط إذا كانت لدى الدولة الإرادة السياسية الحقيقية للنهوض بمشاركة النساء في المجالين العام والخاص.

في عام 2018 قادت تونس دول شمال أفريقيا والمنطقة العربية نحو ثورة تشريعية خاصة بحقوق المرأة، حينما وافقت الحكومة على مسودة قانون المساواة في الميراث بين الجنسين بناءً على تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة التي شكلها الرئيس التونسي باجي قايد السبسي ورأستها السيدة بشرى بلحاج حميدة. تضمن تقرير اللجنة عدد من الحقوق التقدمية مثل منح الجنسية لمن يتزوج تونسية، وإلغاء التمييز في قانون الجنسية والزواج. جاءت بعض ردود الفعل حادة تجاه القانون ومن قبله تقرير اللجنة، حيث نددت بهما الأحزاب والقوى المحافظة مثل حركة النهضة، وادعت بأن ذلك يهدم الأسرة ووحدة المجتمع. والتهبت التنديدات التي وصلت حد التهديدات لشخص رئيسة اللجنة.

مصر

شهدت مصر بعد ثورة 25 يناير 2011 مرحلة كتابة دستور جديد. وقامت المجموعات النسوية بالاشتباك مع القوى السياسية لإدماج قضايا النساء في الدستور الجديد. وأحد أبرز تلك المشاركات هي تشكيل مجموعة "النساء والدستور" في مايو 2011 من قبل عدد من المجموعات والتنظيمات النسوية. عملت المجموعة على ضمان تمثيل النساء في لجان كتابة الدستور وتحديد وصياغة مطالب النساء وحقوقهن، بالإضافة إلى المشاركة في التفاوض لضمان إدراج المطالب النسوية في الدستور. خلصت المجموعة إلى أربعة عشر مطلباً قدمتهم للجمعية التأسيسية مقسمين على حقوق مدنية وسياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية للنساء. غير أن دستور عام 2012 جاء مخيباً لآمال النساء إلى حد كبير. فعانت الجمعية التأسيسية الأولى لكتابة الدستور من ضعف تمثيل النساء حيث ضمت 6 نساء فقط من أصل 100 عضو وعضوة. انعكس ذلك على الدستور نفسه الذي وصفته بعض النسويات المصريات بـ "الصادم".2 فلم يتعرض الدستور للنساء إلا في المادة العاشرة منه واقتصر على الإشارة لهن كأمهات ومعيلات ومطلقات وأرامل، ولسن أفراد شريكات في المجتمع لهن نفس الحقوق والحريات في المجالين الخاص والعام.3

وفي أعقاب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، حصلت النساء على فرصة جديدة لتعديل الدستور وجعله أكثر إنصافاً لهن ومتضمناً وحامياً لحقوقهن الأساسية. وعملت مجموعة "النساء والدستور" مجدداً على إدماج قضايا النساء بالدستور المعدل، وعلى الرغم من استمرار التمثيل الضعيف للنساء داخل لجنة تعديل الدستور أو "لجنة الخمسين" والذي اقتصر على 5 نساء بنسبة 10% فقط من أعضاء اللجنة، إلّا أن اللجنة ضمت نسويات مثل الدكتورة هدى الصدة بجانب عدد من الرجال الداعمين لحقوق النساء. نتج عن تلك المشاركة تحسناً كبيراً في صياغة الدستور الجديد واشتماله على بعض الحقوق الأساسية للنساء. فقد نص الدستور المصري الجديد على المساواة وعدم التمييز في عدد من مواده، وعلى حق النساء في تولي الوظائف العامة والعليا في الدولة، وكذلك الجهات والهيئات القضائية دون تمييز. ألزم الدستور أيضاً الدولة بحماية النساء من كل أشكال العنف.4 من ناحية أخرى، لم ينص دستور 2014 المعدل على إقرار "كوتا" للنساء في المجالس المنتخبة على الرغم من مطالبة النساء بذلك. واكتفت المادة الحادية عشرة بالنص على أن تعمل الدولة من خلال القانون على اتخاذ تدابير خاصة بضمان تمثيل النساء في المجالس النيابية "تمثيلاً مناسباً".

وفي 2019 تمت الدعوة أخيراً لاستفتاء شعبي على تعديلات جديدة بالدستور المصري، تضمنت زيادة النسبة المخصصة للنساء بمجلس النواب إلى 25% على الأقل من إجمالي عدد المقاعد. وجاءت نتيجة الاستفتاء بالموافقة بنسبة 88.8% من إجمالي عدد الأصوات. غير أن تلك الزيادة لا تمثل بالضرورة تحسناً في المشاركة السياسية للنساء، خصوصاً في ظل سعي الدولة إلى إغلاق المجال العام والتضييق على الحقوق والحريات.

على مستوى القوانين، يُعد قانون الأحوال الشخصية المصري أقدم القوانين بالمنطقة، إذ تم إصداره عام 1920. وطرأت عليه بعض التغييرات عامي 1979 و2000. واتخذت قضية الخلع أو حق النساء في طلاق زوجها أهمية كبيرة ودار حولها نقاش مجتمعي واسع في ذلك الحين. ويعطي القانون النساء ذلك الحق مقابل تنازلها عن مستحقاتها المادية. وقد تلقى القانون ومؤيدوه هجوماً عنيفاً من الإسلاميين والقوى المحافظة والأبوية. ثم جاءت على أثر القانون المزيد من الحقوق للنساء مثل الحق في حضانة الأطفال، وإنشاء محاكم الأسرة عام 2005، وصندوق الأسرة الذي كان الهدف منه مساعدة النساء المطلقات واللاتي خلعن أزواجهن.5 لم يتوقف الهجوم على تلك الإصلاحات، فبعد ثورة 25 يناير 2011، شن العديد من المحافظين والإسلاميين حملة على القانون وأطلقوا عليه لقب "قانون سوزان" إشارة للسيدة الأولى السابقة سوزان مبارك التي كانت أحد رموز نسوية الدولة، وينسب لها العديد من الإصلاحات المرتبطة بقضايا النساء. كان الخطاب المعادي لقانون الأحوال الشخصية يستخدم الإطاحة بنظام مبارك لصالحه منادياً بوجوب سقوط حزمة القوانين والتشريعات التي أصدرها.6 وبقدر ما مثلت تلك الخطابات خطورة على حقوق النساء، إلّا أنها ترشدنا لضرورة إعادة النظر في مسألة نسوية الدولة، والتي كان مردودها عكسياً على المجتمع بجانب تهميشها وتضييقها على الحراك النسوي، وهي الحالة المعاكسة لنسوية الدولة التونسية في عهد بورقيبة.

أما عن التشريعات الخاصة بالعنف ضد النساء، فقد تم تعديل بعض مواد قانون العقوبات عام 2014 ليشمل تعريف جريمة التحرش الجنسي، وذلك للمرة الأولى بالقانون المصري. وشملت التعديلات أيضاً تغليظ العقوبات على الجرائم الخاصة بالعنف ضد النساء.7 وفي هذا السياق قامت مجموعات نسوية بإعداد مسودة قانون موحد لمناهضة العنف ضد النساء في ديسمبر 2017،8  وقبلها قام المجلس القومي للمرأة بوضع استراتيجية خاصة بمناهضة العنف ضد النساء وأطلقها منتصف عام 2015. غير أن إشكاليات التطبيق تظل قائمة، فبعض الممارسات التي تم تجريمها في التعديلات القانونية مازالت ترتكب، ويظل القانون الحالي تمييزياً في مواضع عدة ضد النساء، ويفتقر إلى آليات الحماية ومراكز الدعم للناجيات.

الجزائر

تطورت الحقوق الدستورية للنساء الجزائريات منذ أول دستور للدولة عام 1963 حتى اليوم. فاقتصرت الدساتير الأولى على المساواة بين المواطنين من الجنسين في الحقوق والواجبات وعدم التمييز القائم على الجنس.9 ثم تطورت النصوص الدستورية الخاصة بالنساء وبالمساواة في دستور عام 1989 الذي أرسى مبادئ التعددية الحزبية والسياسية. وتميز هذا الدستور بوضع التزامات على الدولة لتحقيق المساواة و"إزالة العقبات التي تعوق مشاركة الجميع الفعلية في الحياة السياسية والاقتصادية..."10 كذلك استخدم دستور 1989 لغة مراعية للنوع في العديد من مواده.

نص تعديل الدستور عام 2008 على التمييز الإيجابي بين النساء والرجال، حيث تم إضافة مادة خاصة بتوسيع حظوظ النساء في المجالس المنتخبة، وترك للقانون سلطة تحديد كيفية تطبيق المادة. أما عن آخر تعديل دستوري فجاء عام 2016 ونص في المادة 36 منه على التناصف بين الرجال والنساء في العمل وتشجيع النساء في مناصب صنع القرار. غير أن الدساتير الجزائرية قد عانت من النصوص العامة التي لا تُلزم المشرع باتخاذ خطوات واضحة لتمكين النساء بالمجال العام.

أما عن وضع النساء في التشريعات، فعلى الرغم من التقدم الهام المسجل في قضايا المرأة، إلّا أن انتقادات شديدة لا تزال توجه لقانون الأسرة، وهناك عدد من التوصيات صادرة من الجمعيات النسوية وبعض الهيئات الدولية من أجل مراجعته. ومنها: "أحكام تمييزية في قانون الأسرة مثل حاجة المرأة لولي من أجل عقد قرانها، وإباحة تعدد الزوجات". وهناك قلق بشأن التحفظات على المادة 2 والفقرة 4 من المادة 15 والمادة 16 من "سيداو"، وتأثير ذلك على قانون الأسرة.. وعلى الرغم من أن المادة 132 من الدستور تجعل من الاتفاقيات المصادق عليها أعلى من القانون الداخلي، فإنه ومع ذلك، لم تعرض أية حالة متصلة بتطبيق أحكام اتفاقية "السيداو" على القضاء.11

إن وجود المادة الثانية من الدستور التي تنص على أن الإسلام هو الديانة الرسمية للدولة، بالإضافة إلى ما هو سائد من جمود في الاجتهاد الديني وبروز الحركات الدينية المتطرفة بكل أشكالها، جعل عملية المساواة الدستورية في الجزائر موضع جدل كبير. ذلك الجدل الذي رأيناه خلال المناقشات بين اﻟﺠمعيات النسائية والجمهور ومختلف الحساسيات الدينية عند تعديل قانوني الأسرة والجنسية، وأيضاً عند سن القانون العضوي لإدماج المرأة في العمل السياسي "الكوتا"، وفي تجريم العنف ضد النساء. لهذا فلا غرابة من أن تكون قاعدة النضال الأساسية للجماهير الكبيرة من النساء وحتى مناضلي حقوق الانسان، أن تنطلق من جدلية عدم المساواة في قانون الأسرة حتى بعد تعديل بعض مواده في سنة 2005. لأنها أرضية المساواة الحقيقية كونها تنطلق من الأسرة، وهذا ما تنبهت إليه الحركات النسوية في الجزائر، فتجمعت حول مطلب إلغاء القانون كأرضية مبدئية في سن كافة القوانين.

إن خضوع المرأة الجزائرية لسلطة بعض مواد قانون الأسرة، والمتمثلة في التفسير المتشدد والعتيق للشريعة الإسلامية، المكرس من خلال المذهب المالكي، ووجود من يدافع عنه دون أي اجتهاد أو تنقيح، يقوي من حدة التمييز ضد النساء وخاصة داخل الأسرة، بل ويدعم سيطرة وهيمنة الرجل على المرأة، بما يتنافى والتساوي في الحقوق المنصوص عليها في الدستور الجزائري، والتي اعتبرها أنا شخصياً عاملاً أساسياً لتكريس العنف الأسري والاجتماعي ضد النساء.

وعن الحقوق المدنية والسياسية، فتطبيقاً لدستور 2008، تم إصدار قانون عضوي رقم 03-12 المؤرخ في 12 يناير 2012 ليحدد تمثيل النساء في المجالس المنتخبة. وقد نص القانون على نسب مختلفة للنساء بالقوائم الانتخابية في المجلس الشعبي الوطني على حسب عدد المقاعد. فمثلاً حدد القانون نسبة 20% للنساء من القوائم عندما يكون عدد المقاعد 4 فقط، وتزداد النسبة تدريجياً مع زيادة عدد المقاعد المتنافس عليها حتى تصل إلى 40% إذا كان عدد المقاعد المتنافس عليها يعادل أو يفوق 32 مقعداً. بالإضافة إلى ذلك، حدد القانون نسبة 50% من المقاعد بانتخابات المجلس الخاصة بالجالية الوطنية في الخارج. أما عن انتخابات المجالس الشعبية الولائية، فتتراوح النسبة ما بين 30% و35% حسب عدد المقاعد. وحدد القانون أخيراً نسبة 30% للنساء في المجالس الشعبية البلدية التي يزيد عدد سكانها عن 20,000 (عشرين ألف) نسمة.12 أعطى القانون الأحزاب السياسية حافزاً في صورة مساعدات مالية بحسب عدد مرشحاتها المنتخبات من النساء في المجالس الشعبية البلدية والولائية وكذلك البرلمان، بينما نص على أن عدم الالتزام بهذا الشرط يؤدي إلى رفض القائمة بأكملها.

وعن التشريعات الخاصة بمناهضة العنف ضد النساء، عدّل البرلمان الجزائري في ديسمبر 2015 قانون العقوبات لتشديد العقوبات الخاصة بالعنف ضد النساء. غير أنه اقتصر في أغلب مواده على العنف الأسري، ولم يتطرق إلى تعريف أشكال العنف ضد النساء بمفهومه العام والشامل الذي يتضمن أشكال العنف الجسدي والنفسي والمعنوي والاقتصادي سواء داخل الأسرة أو في أماكن العمل أو في المجال العام بشكل واسع. بالإضافة إلى ذلك، يسمح القانون بتخفيف العقوبة على الجاني أو إسقاطها إذا سامحته الضحية، وهو ما يعد ثغرة قانونية حيث إن ذلك يضع أعباءًا إضافية وضغوطاً اجتماعية عليها من أجل مسامحة الجاني.13

رغم إيجابية تعديلات قانون العقوبات المتعلقة بتجريم العنف ضد النساء، إلّا أن خلو القانون من تعريف الاغتصاب وخاصة الاغتصاب الزوجي، وإقرار مادة العفو، وعدم وجود نص قانوني يبيح إلإجهاض في حالتي الإغتصاب وسفاح المحارم، يجعل التمييز في القوانين الجزائرية أمراً ملموساً ومحسوساً. هناك تمييز أيضاً ضد المرأة في مجال التكافل الاجتماعي، مثل حقوق النساء في الاستفادة من سكن اجتماعي، لاسيما بالنسبة للعازبات.

تساوي المرأة مع الرجل في قانون العقوبات منذ صدوره لأول مرة- حيث نص على معاملة المرأة على قدم المساواة مع الرجل أمام المحاكم سواء كانت المدعية أو المدعى عليها- لم يعفها من الإجحاف والتمييز في المحاكم الخاضعة لوجهات النظر المتحفظة لدى القضاة والمحامين. وهو ما يكرس القيود الخطيرة التي تحول دون إمكانية تحقيق العدالة لمعظم النساء الجزائريات، بالنظر لافتقارهن إلى السند المجتمعي المتفهم، وللمعرفة الأساسية بحقوقهن القانونية، حتى في الحالات التي ينصفها فيها القانون. وكان هذا التعديل بمثابة انطلاقة نسوية للنضال من أجل تجريم العنف ضد النساء في الإدارات والمؤسسات الاقتصادية، في الفضاء العام، وفي الأسرة، واعتبار العنف بكل أنواعه ومفاهيمه مساً بكرامة المرأة، التي كان الصمت شريعتها للاستمرار في العمل أو في الحياة. لذلك بدأت مقاومة التحرش الجنسي في المؤسسات، بأول حملة توعويـة فـي وسـط العاملات، ثـم فـي المجتمـع المدني والإعـلام. لأننـا كنسـاء نقابيـات أو مناضلات كنا نراهن على تطور عمالة النساء كونها محوراً موضوعياً للتغيير المنشود، فتتمكن أفواج النساء صاحبات الشهادات من ولوج عالم الشغل بكرامة، كان لابد وأن يؤثر بصفة إيجابية على نسبة النشاط الاقتصادي للنساء (حسب إحصائيات الديوان الوطني للإحصاء).

وتعتبر المادة الخاصة بالولاية على المرأة أثناء الزواج أكثر المواد تمييزاً ضد النساء وأكثر المواد المرفوضة من النسـاء، ومطلوب مـن المعارضة العمل على تعديـل القانـون. وهي لا تقـل سطوة من الشهادة، وخاصة في الإمضاء على العقود. فالمرأة حتى وإن أصبحت وزيرة أو قاضية، ويحق لها بحكم منصبها أن تمضي العقود وتسن الأحكام وتشرف وتسير كل ما يتعلـق بمصالح المسؤولية، لا فـرق بينهـا وبيـن الرجـل، لكنها فـي المعاملات الخاصة بها كالشهـادة والإمضـاء على السنـدات الموثقة تعتبر ناقصة. إذ يفرض القانون شهادة امرأتين للتساوي مع شهادة رجل واحد، وهي عرقلة اقتصادية وعملية وإنسانية. ويجتهد الموثقون الجزائريون في تطبيقها من الناحية العملية بكل فاعلية وصرامة، بل الأكثر من ذلك أننا نسمع اليوم عن مبادرات بعض الإسلاميين لتعديل القانون، وإضافة بعض المواد المقيدة للمرأة في مجالات الحضانة والولاية والخلع وغيرها.

ويبقى قانون الجنسية الوحيد الذي سنت ديباجته ومواده على مبدأ المساواة بين الجنسين في إعطاء الجنسية للأبناء والأزواج، انطلاقاُ من التعديل الذي أدخل سنة 2005 على الأمر رقم 70-86 الـمؤرخ فـي 15 ديسمبر 1970 الـمتضمن قانون الـجنسية الـجزائرية. والذي يمكن المرأة من تحقيق المساواة الكاملة مع الرجل، ويعتبر قانون الجنسية هذا أكثر قوانين الجنسية تميزاً في المنطقة العربية كلها، وهو ما يتناقض أيضاً مع ما جاء في قانون الأسرة. قلة مواردها المالية الضرورية. وهو الأمر الذي يزيد من قدرة الرجال في الاحتفاظ بهيمنتهم القوية بالنظر لسيطرتهم على ماليات معظم العائلات وأهمها الإرث. ويبقى حظر جميع أنماط العنف البدني أو المعنوي حسب المادة رقم 34 من الدستور والتي تتوافق مع "اتفاقية انتهاك الكرامة والكبرياء"، التي صدقت الجزائر من خلالها في عام 1989 بخصوص "مناهضة التعذيب، خاضعة للمعاملة أو للعقوبة القاسية أو غير الإنسانية أو المهينة.. " غير مفعل.

من هذا المنطلق يعتبر التعديل الذي جاء به قانون العقوبات سنة 2015، والذي ناضلت من أجله مجموعة هامة من الجمعيات النسوية، ثم تبنته الحكومة، بمعارضة كبيرة في البرلمـان وفي خارجـه خاصة مـن الإسلامييـن مميـزاً وجريئاً. وحتى إن كـان منقوصاً فيما يخص مادة العفو، فإنه وفي الظروف المتردية التي يعيشها الوطن العربي، لا يمكن في نظري أن ننجز أكثر مما أنجزنا، ويبقى النضال مستمراُ وهو وحده ما يمكنه تغيير الأوضاع.

أخيراً، حاولت دولة الجزائر وضع إطـار تشـريعي منظم يساهم في تحسين مكانة المرأة وإدماجها الاقتصادي بدون حواجز تحول دون ذلك. ومن أهم الآليات التشريعية والإنجازات المؤسساتية التي تم إرساؤها لتحقيق تمكين المرأة وتفعيل دورها في التنمية: الآليات التشريعية لتمكين النساء من الاندماج في عملية التنمية المحلية. بحيث عدلت كثيراً من القوانين، في إطار الإصـلاحات التشريعية التي التزمت بها نتيجة الاتفاقيات الدولية الموقعة. كذلك أصدرت الدولة العديد من القرارات في مجالات الترقية في المؤسسات السياسية والاقتصادية والعسكرية، وفي مناصب تعينت فيها النساء لأول مرة. ووضعت الجزائر استراتيجية تأهيل وإدماج المرأة الريفية، ووضع استراتيجية سنة 2007 لمحاربة العنف والتمييز، وأيضاً تحسين وترقية دور المرأة وتمكينها على جميع الأصعدة، وخاصة في المجال الاقتصادي بتمكين الفتيات مثل الشباب تماماً من مساعدات مالية لتأسيس مؤسسات اقتصادية، وكذا تمكين الشابات من منحة تشغيل الشباب، وتمكين المرأة الماكثة في البيت من منحة مالية لتنمية وتطوير قدراتها والمساهمة في بناء قدراتها وترقية مدخول الأسرة.

بعض الدساتير تضمنت حقوقاً عامة ولا تُلزم الدولة ولا المشرع باتخاذ الخطوات المناسبة لتمكين النساء بالمجال العام. فالدستور الليبي وكذلك الدستور الموريتاني لم يتضمنا وضع التزامات على الدولة لتحقيق مزيد من الحماية للنساء وتحقيق العدالة الجندرية. على الجانب الآخر، فقد نص الدستور الجزائري على تشجيع الدولة للنساء في ترقيتهن لمناصب المسئولية في الهيئات والإدارات العمومية وعلى مستوى المؤسسات.14 كما نص على أن تعمل الدولة على ترقية الحقوق السياسية للمرأة بتوسيع حظوظ تمثيلها في المجالس المنتخبة.15

اشتركت جميع دساتير المنطقة في اعتماد لغة غير مراعية للنوع الاجتماعي في صياغة الدستور باستثناء وحيد، وهو الدستور المغربي الذي استخدم في نسختيه الرسميتين العربية والفرنسية لغة مراعية للنوع في العديد من مواده، فاستخدم كلمات مثل المواطنين والمواطنات.

الملاحظة الأخيرة أن جميع دول المنطقة ضمت دساتيرها مواداً عن العائلة كونها "أساس المجتمع" و"وحدة بنائه"، في حين أنه لم تتضمن أي من تلك الدساتير فقرات تضمن حماية النساء داخل الأسرة، بل اكتفت بالإشارة إلى دور النساء في الأسرة كأمهات فقط وليس كشريكات لأقرانهن الذكور ولهن ذات الحقوق والواجبات.

ثانياً: غرب آسيا

سوريا

تطرق الدستور السوري الصادر عام 2012 في بعض من مواده إلى حقوق النساء ولكن بشكل عام وبدون تقديم أي ضمانات لتنفيذ وحماية تلك الحقوق. فنصت المادة 23 منه على توفير الدولة للمرأة جميع الفرص التي تتيح لها المساهمة الفعالة والكاملة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. كذلك تعمل الدولة على إزالة القيود التي تعوق مشاركة النساء في بناء المجتمع. ونصت المادة 34 على المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات بدون تمييز على عدة أسس منها أساس الجنس، كما نص الدستور على كفالة الدولة لمبدأ تكافؤ الفرص. أيضاً نجد أن الدستور السوري وضع المادة الخاصة بالأسرة قبل المادة الخاصة بالمساواة. فاعتبرت المادة 19 من الدستور الأسرة نواة للمجتمع، وألزمت الدولة الحفاظ عليها، ثم جاءت المادة 20 لتؤكد حماية الدولة وتشجيعها للزواج والأمومة والطفولة. ولا تعكس تلك المواد وضع الأولوية للأسرة على حساب الحقوق الفرية والسياسية والاقتصادية للنساء فقط، لكنها تؤكد أيضاً نظرة الدولة للنساء باعتبارهن زوجات وأمهات قبل أن يكنّ نساء لهن حقوقهن الفردية.16

الأردن

لم يضع دستور المملكة الأردنية الهاشمية النساء في أولوياته حين كتب أو حين تم إضافة تعديلات عليه عدة مرات آخرها عام 2011. فالمادة 6 من الدستور تنص على أن الأردنيون سواء أمام القانون لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات. غير أن المادة أدرجت العرق واللغة والدين كأسس للتمييز دون ذكر الجنس أو النوع الاجتماعي. كذلك أشار الدستور في الفقرة الخامسة من نفس المادة للأمومة ووجوب حمايتها بالقانون وحمايتها من الإساءة والاستغلال. تنظر الدساتير مجدداً إلى النساء كأمهات قبل كونهن أشخاصاً ومواطنات في الدولة.17

أما على صعيد التشريعات، فقانون الأحوال الشخصية الأردني جاء ظالماً للنساء ولحقهن وبه مخالفات للمادة السادسة من الدستور. فالمادة العاشرة من القانون تسمح بالزواج لمن تمت ستة عشر عاماً بموافقة قاضي، وتمسح للرجل المتزوج الزواج من امرأة أخرى حتى الزوجة الرابعة. وينتهك القانون أهلية النساء، فتكون الموافقة من ولى الأمر جوهرية في الزواج، وإن لم يتواجد ولى أمر للمرأة، فتنتقل الولاية للقاضي نفسه، وكأن النساء سلعة يتداولها الرجال.

يُعطي القانون الرجل أيضاً الحق في منع زوجته من العمل إذا رأي أن ذلك يؤثر على العائلة. كذلك لا تستطيع المرأة المتزوجة معارضة زوجها إلا في مواقف محددة مثل الحق في العمل وحالات الطلاق. وينتهك القانون الحق في الجسد في كثير من مواده. وقد ناضلت النساء طويلاً لإحداث تغييرات جذرية مطلوبة بالقانون. فأحدثت الدولة تعديلات طفيفة عام 2018 لترفع سن الزواج من 15 إلى 16 في الحالات التي تستدعي موافقة القاضي.

فيما يتعلق بالعنف المبني على النوع الاجتماعي،18 فبعد حملة استمرت لسنوات ألغى البرلمان الأردني المادة 308 من قانون العقوبات التي سمحت للمغتصب بالإفلات من العقاب في حال زواجه من ضحيته لمدة لا تقل عن 5 سنوات. كما شمل الإصلاح تعديل المادة 98 مما زاد من عقوبة مرتكبي جرائم الشرف. وقد كانت هذه التطورات ملحوظة وإيجابية خلال العام الماضي. بالإضافة إلى افتتاح فرع آخر للملجأ الحكومي العام "دار الوفاق الأسري" في إربد ليقدم خدمات الإغاثة للنساء اللواتي يتعرضن للعنف أو عرضة لخطر جرائم الشرف. وهذا تطور ملحوظ خاصة وأن المأوى يستقبل الآن النساء من جميع الجنسيات المقيمة في الأردن. ومع ذلك لا يزال العنف ضد المرأة منتشراً على نطاق واسع. وعلى الرغم من الجهود الجادة لزيادة الوعي ومكافحة العنف المبني على النوع الاجتماعي، تواجه كل عام ما بين خمس عشرة إلى عشرين امرأة جريمة من أحد أفراد العائلة الذكور بسبب انتهاك المعايير الاجتماعية "الشرف". ولا تزال المادة 340 من قانون العقوبات تسمح بأحكام مخففة لأولئك الذين يقتلون زوجاتهم عند اكتشاف ارتكابهن للزنا.

تشير الدراسات إلى أن واحدة من كل ثلاث نساء في الأردن تعرضت لحادثة عنف جسدي، ولكن 3% فقط من الضحايا يلتمسن المساعدة من السلطات. ويرجع ذلك بشكل كبير إلى رفض دعاوى العنف المنزلي من قبل النظام القضائي وعدم وجود إجراءات موحدة. إذ لا يعترف القانون بالاغتصاب الزوجي، وبالتالي يقلل هذا من الحماية من العنف الجنسي. يُنظر إلى العنف المنزلي على أنه مسألة خاصة، ويعتبر أي تدخل خارجي تدخلاً غير مبرر في الحياة الأسرية. ويعرقل تحركات ضحايا العنف انخفاض المشاركة الاقتصادية بين النساء، والزواج المبكر، مما يجعل الزوجات أكثر ضعفاً.

تماشياً مع قرار مجلس الأمن 1325، أقر الأردن خطة عمل وطنية للوقاية من العنف ضد المرأة والحماية منه. ومع ذلك لم يتم حتى الآن سوى اتخاذ بعض تدابير الحماية والإغاثة مثل ملجأ "دار الوفاق"، دون اتخاذ خطوات ملموسة نحو عناصر "الوقاية" و "الحماية" وفقاً لقرار مجلس الأمن أو خطة العمل الوطنية. والمناطق التي تحتضن عدداً كبيراً من اللاجئين، مثل المفرق، ليس لديها خدمات إغاثة حكومية للنساء في المجتمعات المضيفة، فتعتمد المفرق على الخدمات التي تقدمها المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية.

زواج القاصرات هو شكل آخر من أشكال العنف بمعدل متزايد في الأردن وخاصة بين مجتمعات اللاجئين، حيث يمثل 17.6% من جميع الزيجات بين النساء الأردنيات و 39.5% بين اللاجئات السوريات. ورغم أن السن القانوني للزواج هو ثماني عشرة سنة، فإن القانون ذي الصلة يمنح سلطة تقديرية للسماح باستثناء لزواج الفتيات دون هذه السن إذا كان "ذلك في مصلحتهن الفضلى"، فيمكن أن يمارس هذه السلطة قاضٍ واحد بدون أي هيئة مراقبة أو آلية للإبلاغ عن الانتهاكات التي قد تحدث.

وعلى صعيد التمييز في التشريعات القانونية، فيقيد قانون الأحوال الشخصية حقوق المرأة في:

أ) اتخاذ قرار بشأن الزواج بطلب موافقة ولي أمرها.

 ب) تحصل على حضانة الأطفال إذا تزوج أحد الزوجين مرة أخرى، وتفقد الحضانة عندما يبلغ أطفالها السبع سنوات إذا كانت غير مسلمة متزوجة من مسلم.

 ج) السماح بتعدد الزوجات.

  د) الزوج الذي يقوم بالطلاق بإعلان بسيط وليس في محكمة.

 هـ) تقديم طلب الطلاق من خلال فرض شروط مالية مرهقة على الدعوى.

 و) تلقي حصة متساوية من الميراث.

 لا تنطبق أي من هذه القيود على الرجال في حالات الزواج والوصاية والطلاق، مما يجعل قانون الأحوال الشخصية تمييزياً للغاية ضد المرأة. علاوة على ذلك، فإن قانون الأحوال الشخصية الحالي هو نظام مؤقت، ولم يتم سنه بعد كقانون دائم مما يثير أسئلة حول دستوريته.

بموجب قانون الجنسية، تُعرّف الجنسية على أنها رابطة دم مشتقة من جنسية الأب للمولودين من آباء أردنيين وأمهات أجنبيات. وينكر القانون نفسه على المرأة الأردنية المتزوجة من رعايا أجانب الحق في منح الجنسية لأبنائها وزوجها، مما يمس نحو 89000 أسرة.

على الرغم من منح حقوق جزئية لأطفال النساء الأردنيات المتزوجات من غير الأردنيين على شكل "مزايا" أو ما يسمى "بالحقوق المدنية" بما في ذلك الحصول على التعليم الابتدائي والثانوي والرعاية الصحية والملكية العقارية وطيف واسع من الوظائف، الأمر الذي يعتبر خطوة إيجابية، لكن لا يزال أطفال الأمهات الأردنيات المتزوجات من غير الأردنيين يواجهون تمييزًا يتعلق بهذه الحقوق المدنية، فيعد التسجيل في التعليم العالي الحكومي مكلفاً نظراً لأنهم مضطرون للتسجيل في البرامج الموازية بتكاليف مضاعفة عن تكاليف الطلاب العاديين تقريباً. لا يقتصر التعقيد والغموض على الإجراءات الحكومية المتعلقة بالحصول على رخصة القيادة أو تجديدها، بل يصل أيضاً إلى الحصول على تصريح الإقامة وتصريح العمل، فموظفي الخدمة المدنية غير مدركين أن القانون قد تغير أو غير مدركين للإجراءات التي يجب اتباعها.

أخيراً، بخصوص تحفظات المملكة على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (السيداو) والتزامات أهداف التنمية المستدامة، يتمسك الأردن بتحفظاته المتعلقة بالمادة 9 الفقرة (2) والمادة (16) 1(ج)، (د)، (ز) من اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة، وبذلك ترفض المساواة بمعاملة المرأة كالرجل في الحقوق والواجبات على الصعيدين العام والخاص. منذ توقيع الأردن في العقود المنصرمة على الاتفاقية، كان هناك تقاعساً في التطبيق، وفشلت الحكومة في اتخاذ تدابير استباقية لرفع التحفظات.

قدمت وزارة التخطيط والتعاون الدولي تقريراً طوعياً زعمت فيه أن "البلد قد شرع في تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030 وتحقيق أهداف التنمية المستدامة". إننا نشعر بالقلق من عدم تعامل الحكومة بجدية نحو التزامها بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وبخاصة الهدف الخامس. مشاركة المرأة في المراكز المنتخبة والوصول إليها عن طريق "الكوتا" تصل إلى خمسة عشر مقعداً في البرلمان، و 25% في الانتخابات البلدية، و 10% في الانتخابات اللامركزية، وبالتالي فهي لا تتخلف فقط عن نسبة "الكوتا" الذي حددته خطة عام 2030 (وهي 50% من المقاعد المنتخبة)، ولكنها تتخلف أيضاً عن الهدف الذي حددته أحكام اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بنسبة 30%.

أما عن حقوق النساء في المشاركة السياسية وتمثيلهن في المجالس المنتخبة، فخصص قانون الانتخاب الصادر رقم 6 لسنة 2016 خمسة عشر مقعداً للنساء من إجمالي 130 مقعداً بمجلس النواب، وذلك بواقع مقعد واحد فقط لكل محافظة.19

لبنان

لم يتضمن الدستور اللبناني مواداً خاصة بالنساء أو ضمانات لمشاركتهن المتكافئة في المجالين الخاص والعام، بل اكتفى بالمادة رقم 7 للتأكيد على المساواة بين كل اللبنانيين لدى القانون وتمتعهم على السواء بالحقوق المدنية والسياسية وتحملهم الواجبات العامة دونما تفرقة. غير أن الدستور لم ينص على ماهية أسس تلك التفرقة.20

على صعيد التشريعات، تسيطر الطائفية على قانون الأحوال الشخصية، فنجد أن لكل طائفة قانونها الخاص طبقاً للمذهب التي تتبع له الطائفة دون ضوابط حقيقية لمراجعة تلك القوانين ومدى دستوريتها أو آليات تنفيذها. نتيجة لطبيعة تلك القوانين فهي إجمالاً تنتقص من حقوق النساء المدنية والاجتماعية والاقتصادية. كذلك نرى كثير من حالات العنف الأسري التي لا ترتقي لأن تكون سبباً كافياً للطلاق في نظر بعض القضاة، الذين يرون أن من مصلحة الزوجين والمصلحة العامة أن تصبر المرأة وتتحمل هذه الانتهاكات.21

العراق

تحسن وضع النساء في الدستور العراقي الحالي عن الدساتير العراقية السابقة، فالمادة 14 تنص على المساواة بين العراقيين أمام القانون دون تمييز.22 وأفردت المادة أحد عشر وجهاً للتمييز أولهم الجنس، وكفلت المادة 16 مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع العراقيين. نص الدستور كذلك في الفقرة الثانية من المادة 18 على الحق في الجنسية لكل من وُلِد لأب عراقي أو لأم عراقية، وهو ما لم تضمنه دساتير بعض بلدان المنطقة، بل أرجأوا ذلك للقانون. وبالنسبة للحقوق السياسية والمدنية، فتنص المادة 20 على أن للمواطنين رجالاً ونساء حق المشاركة في الشؤون العامة، والتمتع بالحقوق السياسية بما فيها حق التصويت والانتخاب والترشح.

ونص أيضاً الدستور على أن الدولة تكفل للفرد والأسرة وبصفة خاصة النساء والأطفال الضمان الاجتماعي والصحي والمقومات الأساسية للعيش في حياة حرة كريمة، وتؤمن لهم الدخل المناسب والسكن الملائم. وفي الفصل المتعلق بالسلطة التشريعية أخيراً، ينص الدستور على أن يستهدف قانون انتخابات مجلس النواب تحقيق نسبة تمثيل للنساء لا تقل عن ربع عدد أعضاء المجلس. وهي من أعلى النسب بالمنطقة.

أما عن وضع النساء بالتشريعات الوطنية، وبدايةً من القوانين الشخصية، فالقانون الذي كتب عام 1959 ومازال نافذاً إلى الآن أقر سن الزواج ثمانية عشر عاماً، غير أنه في حالات استثنائية يمكن أن يتم الزواج عند سن الخامسة عشر. ويتشارك معه في ذلك الانتهاك قانون الأحوال بإقليم 

كردستان العراق. يسمح القانون بتعدد الزوجات بشرط الحصول على موافقة من القاضي المختص، وأن يكون الزوج قادراً من الناحية المادية، ولديه سبب "مقنع" للزواج بامرأة أخرى. أما عن الطلاق فيمكن للرجل أن يطلق زوجته شفاهيةً في أي وقت بدون قيود، لكن تحتاج المرأة إلى تقديم طلب للطلاق، ويكون لأسباب محددة مثل خيانة الزوج أو زواجه من أخرى بدون موافقتها أو عدم إنفاقه عليها. ويكون العنف الأسري سبب للطلاق في حالات معينة كذلك.

على الرغم من أن القانون الحالي يمثل تمييزاً وانتهاكاً ضد النساء -كسائر قوانين منطقة الخليج العربي وغرب آسيا- إلّا أن هناك محاولات عدة لتعديله. ليس للأفضل ولمزيد من الحقوق، بل أحياناً لمزيد من التمييز. فعلى مدار عدة أعوام، حاولت بعض القوى السياسية تعديل القانون بإضفاء صبغة دينية وطائفية على الحقوق الشخصية، واستمر الجدال حول تلك التعديلات حتى صوت عليه البرلمان العراقي بالرفض وسط معارضة واسعة من المجتمع المدني وبعض القوى السياسية.23

وبالنسبة إلى الحماية القانونية للنساء من مختلف أشكال العنف، فمازال العراق يفتقد إلى قانون لمناهضة العنف ضد النساء، على الرغم من وجود مسودة قانون لمناهضة العنف في البرلمان العراقي،24 إلّا أن القانون المقترح يقتصر على العنف الأسري، ولا يتضمن سبل القضاء على أشكال العنف الأخرى الموجهة ضد النساء.

فلسطين

لم يتم وضع دستور دولة فلسطين بعد، وشهدت عملية نقاش مسودة الدستور جدلاً بين الاتجاهات المختلفة، ومنها المواد ذات الصلة بهوية الدولة الاجتماعية والثقافية، ومنها ما له علاقة بحقوق النساء. غير أن الوثيقة الأساسية الحالية هي القانون الأساسي. وهو لم يوف المرأة حقها في مواده. واكتفى بالمادة 9 التي تنص على المساواة بين الفلسطينيين أمام القانون بدون تمييز على أساس العرق أو الجنس أو اللون أو الدين أو الرأي السياسي أو الإعاقة. وفي المادة (29) ذكر القانون فقط أن رعاية الأمومة والطفولة واجب وطني بدون وضع أي ضمانات أو أطر لأشكال تلك الرعاية.25 بينما نصت المادة (20) منه على أن الشريعة الإسلامية مرجعية قانون الأحوال الشخصية.

 

ثالثاً: دول الخليج العربي واليمن

البحرين

خلال تاريخها تم إصدار دستورين اثنين، الأول عام 1973 والثاني عام 2002. تمت صياغة الدستور الأول للمملكة بعد استقلالها عن بريطانيا على يد الجمعية التأسيسية، والتي شملت في عضويتها رجالاً فقط. وقد تم إلغاء الدستور عام 1975 وحُكمت البلاد تحت قوانين الطوارئ منذ ذلك العام حتى عام 2002.

تنص المادة الأولى في فقرتها الخامسة على المساواة بين الرجال والنساء في حق المشاركة في الشئون العامة والتمتع بالحقوق السياسية بما فيها حق الانتخاب والترشح طبقاً للقانون.26 وفي المادة 18 نص على تساوي المواطنين لدى القانون دون تمييز بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة. غير أن الدستور في المادة الخامسة رهن مساواة النساء بالرجال في المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية بعدم الإخلال بأحكام الشريعة الإسلامية، وهو الأمر الذي يفتح باب للتأويلات والاختلافات في تفسير تلك الأحكام.27

تنعكس تلك المحدودية في الحقوق الدستورية للنساء البحرينيات على وضعهن في التشريعات والقوانين الوطنية. فعلى الرغم من تمتع النساء البحرينيات ببعض الحقوق إذا ما قورنت بدول خليجية أخرى، إلّا أن القوانين مازالت تمييزية ضد النساء، فمثلاً لا تستطيع النساء إعطاء جنسيتها لأبنائها. وعلى الرغم من تجريم التحرش الجنسي، إلّا أن هذا التجريم نابع من أفكار أبوية كالشرف وليس لحماية النساء أنفسهن. أحد أسباب ذلك التوجه هو زيادة معدلات العنف ضد النساء الناشطات في المجال العام خصوصاً المدافعات عن حقوق الإنسان من قبل الدولة نفسها.28 كذلك إعفاء مرتكب جريمة الاغتصاب من العقوبة إذا عقد على المُعتدى عليها عقداً صحيحاً.29

الكويت

لم يذكر الدستور الكويتي النساء في أي من مواده. واكتفى بالنص على عدم التمييز بين الأفراد بسبب الجنس أو اللغة أو الدين.30 أما على صعيد التشريعات، فتعاني النساء الكويتيات من القوانين التمييزية مثل قانون الجنسية الذي يحرم النساء من إعطاء جنسياتهن لأطفالهن. كذلك لم تحصل النساء على الحق في التصويت إلا في عام 2005. أما عن قضايا العنف ضد النساء، فلم تُصدر الدولة أية قوانين تجرم أشكال العنف ضد النساء رغم انتشاره في المجال الخاص وفي أماكن العمل، وخاصة ضد الطبقات المهمشة مثل العاملات في المنازل.31

السعودية

تعتبر السعودية أحد أكثر دول المنطقة -إن لم تكن الأكثر- تضييقاً على النساء وعلى الحريات والحقوق عموماً. لم يذكر النظام الأساسي للحكم النساء في أي من مواده. مع هذا التجاهل التام نجد أن القوانين السعودية غاية في التمييز والإقصاء للنساء في المجالين الخاص والعام. فمثلاً وحدهم الرجال يستطيعون تسجيل أطفالهم واستخراج الأوراق الرسمية دون النساء، كذلك استمرار العمل بنظام الولاية الذي يعتبر النساء قاصرات قانونياً طوال حياتهن، واضعاً جميع حقوقهن السياسية والمدنية أو الإقتصادية والاجتماعية والثقافية رهن موافقة "أوليائهن" من الرجال. كما أن المرأة السعودية لا تستطيع إعطاء جنسيتها لأبنائها، كحال أغلب نساء الخليج إلا في حالات خاصة.

قطر

اكتفى الدستور القطري بالنص على المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات، والمساواة بين الأفراد أمام القانون دون تمييز على أساس الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين. ولم يحتو الدستور على مواد تعزز من تلك المساواة أو يلزم الدولة للقيام بأي خطوات من شأنها رفع التمييز عن النساء وزيادة مشاركتهن في المجال العام. أما بالنسبة للقوانين والتشريعات، فقوانين الأحوال الشخصية تستمد مرجعيتها من الشريعة الإسلامية. وعن قانون العمل، فلم يميز القانون بين النساء والرجال في الأجور، غير أن أصحاب العمل يتجاهلون عادةً مبدأ المساواة في الأجر وخصوصاً فيما يتعلق بالحوافز والمكافآت.32 وبخصوص محاربة العنف ضد النساء، فنص قانون العقوبات الصادر عام 2004 على معاقبة "خدش الحياء" والذي عرّفه بتفوه المعتدي بأي كلمة أو صدر عنه صوت أو إيماءة أو عرض أي شيء. فلم يتطرق القانون لأنواع العنف الأخرى الممارسة ضد النساء، فلا يعاقب القانون مثلاً حالات العنف الأسري، وتنتشر حالات العنف ضد النساء العاملات في المنازل.33

سلطنة عمان

تشترك عمان مع باقي دول الخليج في تهميش النساء وتجاهل إدماج حقوقهن في الدساتير والتشريعات الوطنية. فاقتصر الدستور العماني على النص على المساواة بين المواطنين وعدم التمييز بينهم على بعض الأسس منها الجنس. وانعكس هذا الوضع على التشريعات الوطنية. فمثلاً قانون الأحوال الشخصية، والمبني على أساس الشريعة الإسلامية، يضع الأب والزوج كأرباب الأسرة دون النساء.34 وبالنسبة لحقها في العمل، فنص قانون العمل على حق النساء في العمل ولم يشترط حصولها على موافقة من أحد، إلّا أنه على أرض الواقع عادةً ما تحتاج المرأة العمانية إلى موافقة عائلتها وبخاصة الرجال منهم.

أما عن قوانين مناهضة العنف ضد النساء، فلا يوجد قانون خاص بهذه القضية، ولكن توجد مادة في قانون الأحوال الشخصية تنص على عدم الإضرار بالزوجة مادياً أو معنوياً، وهو نص عام يتشابه كثيراً مع قوانين دول أخرى في المنطقة كقانون الأسرة القطري. غير ذلك، لا توجد عقوبة على أي من أشكال العنف ضد النساء عدا الاغتصاب، ولا يعترف القانون بالاغتصاب الزوجي كجريمة. 35

اليمن

تباينت الحقوق الدستورية للنساء في الدساتير اليمنية. فبداية من دستور 1991، نصت المادة 27 منه على المساواة بين المواطنين أمام القانون وفي الحقوق والواجبات مع عدم التمييز بينهم بسبب الجنس أو اللون أو الأصل أو اللغة أو المهنة أو المركز الاجتماعي أو العقيدة. بينما جاء دستور عام 1994 ليستبدل تلك المادة بأخرى أضعفت من مبدأ المواطنة والمساواة. فتم إلغاء المادة 27 واستبدالها بالمادة 31 التي نصت على أن "النساء شقائق الرجال ولهن من الحقوق والواجبات ما تكفله وتوجبه الشريعة وينص عليه القانون".36 بذلك وضع دستور 1994 النساء كياناً تابعاً للرجال وليس كأفراد متساوين. كذلك استخدام الشريعة في النص الدستوري للحد من حقوق النساء يعد محاولة من الدولة لتبرير عدم المساواة بين الرجال والنساء. جاء في المادة 41 من دستور 1994 أن "المواطنون جميعهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة"، وتعد تلك المساواة المنصوص عليها منقوصة بربطها بالمادة 31.

في عام 2015، تم إصدار دستور اليمن الجديد الذي أعاد بعض الحقوق للنساء. فنص في المادة 75 منه على المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات دون تمييز على اعتبارات عدة منها على أساس الجنس. أُلحقت تلك المادة بأخرى تعزز من مبدأ المواطنة ومشاركة النساء بالمجال العام من خلال النص على سن تشريعات واتخاذ إجراءات تحقق مشاركة سياسية فاعلة للنساء تضمن نسبة تمثيلهن في مختلف السلطات والهيئات بما لا يقل عن 30%.37 وفي المادة 87 أكد الدستور على الحق في المشاركة السياسية الفاعلة والترشح والاقتراع لكل من النساء والرجال. امتاز دستور 2015 أيضاً بوجود مادة خاصة بحقوق النساء كفل فيها الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية دون تمييز، وألزم الدولة بتمكين المرأة من ممارسة كافة حقوق المواطنة، وحمايتها من كافة أشكال العنف والممارسات اللاإنسانية.38 ونص الدستور أخيراً على مراعاة تمثيل النساء في الهيئات القيادية للأحزاب السياسية.39 ذلك التطور الكبير في الاستحقاقات الدستورية للنساء جاء عن طريق مشاركة النساء أنفسهن في عملية إعداد الدستور، فوصلت نسبة النساء العضوات في لجنة صياغة الدستور إلى ما يقرب من 24%.40

 

  • 1. ورقة مقدمة من عضوات الملتقى السيدة بشرى العلوي والسيدة عائشة لبلق والسيدة سعاد الزيني.
  • 2. هالة كمال ‘لمحات من مطالب الحركة النسوية المصرية عبر تاريخها’ أوراق الذاكرة (5) مؤسسة المرأة والذاكرة (2016) <https://tinyurl.com/y4mqx96e>
  • 3. دستور جمهورية مصر العربية 2012، المادة 10
  • 4. دستور جمهورية مصر العربية المعدل 2014، مادة 11
  • 5. Fatima Sadiqi (ed), Women’s Movement in Post-"Arab Spring" North Africa (Springer 2016).
  • 6. Camilo Gomez-Rivas, ‘Women, Shari’a, and Personal Status Law Reform in Egypt after the Revolution’ (Middle East Institute, 1 October 2011) <https://www.mei.edu/publications/women-s... accessed 12 April 2019.
  • 7. قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 50 لسنة 2014، الجريدة الرسمية (23 تابع) (5 يونيو 2014)
  • 8. "منظمات نسوية تعلن عن إطلاق قوة العمل من أجل قانون موحد لمناهضة العنف ضد النساء" نظرة للدراسات النسوية (6 ديسمبر 2017) <http://www.nazra.org/node/589>
  • 9. راجع/ي دستور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عام 1963 في المواد 10، 12، 13، 18، 19. كذلك دستور عام 1976 في مواد 39، 40، 41، 42، 44، 58، 81.
  • 10. دستور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عام 1989، مواد 28، 30، 31، 48
  • 11. ورقة مقدمة من عضوة الملتقى، السيدة نفيسة لحرش
  • 12. قانون عضوي رقم 03-12 مؤرخ في 12 يناير 2012 يحدد كيفيات توسيع حظوظ تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة. الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد الأول (14 يناير 2012) <http://www.interieur.gov.dz/images/les-m...
  • 13. "مصيرك البقاء معه" تعامل الدولة مع العنف الأسري في الجزائر، هيومن رايتس ووتش (23 أبريل 2017) <https://www.hrw.org/ar/report/2017/04/23...
  • 14. دستور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية الصادر عام 2016، مادة 36
  • 15. المرجع السابق، مادة 34
  • 16. دستور الجمهورية العربية السورية 2012
  • 17. دستور المملكة الأردنية الهاشمية
  • 18. "أوضاع حقوق النساء الأردنيات" ورقة مقدمة من عضوة الملتقى، السيدة ليلى نفاع.
  • 19. قانون الانتخاب، مجلس النواب الأردني <https://tinyurl.com/y2q5t9aw>
  • 20. الدستور اللبناني الصادر في 23 أيار/مايو 1926 مع جميع تعديلاته
  • 21. أمندا برادعي "حقوق المرأة في قوانين الأحوال الشخصية اللبنانية... لا حماية ولا مساواة" الحياة (25 يناير 2015) <https://tinyurl.com/y66asprb>
  • 22. دستور جمهورية العراق 2005
  • 23. "البرلمان العراقي يرفض تزويج الفتيات بسن الثامنة: تعديلات تضع قوانين تمييزية حول القضايا الأسرية" هيومن رايتس ووتش (17 ديسمبر 2017) <https://www.hrw.org/ar/news/2017/12/17/3...
  • 24. "لجنة المرأة والأسرة تناقش قانون مناهضة العنف الأسري ونظامها الداخلي" مجلس النواب العراقي (13 أبريل 2019) <https://tinyurl.com/y3sgystx>
  • 25. القانون الأساسي الفلسطيني المعدل
  • 26. دستور مملكة البحرين، المادة 1 فقرة هـ
  • 27. المصدر السابق، المادة 5
  • 28. ‘The Legal Status of Women in Bahrain’ (Bahrain Center for Human Rights 2017) <http://bahrainrights.org/sites/default/f... accessed 12 April 2019.
  • 29. قانون العقوبات البحريني، المادة 353
  • 30. دستور الكويت، المادة 29
  • 31. ‘Kuwait’ Spring Forward for Women Programme, UN Women < https://spring-forward.unwomen.org/en/co... Accessed 13 April 2019
  • 32. “Qatar” Spring Forward for Women Programme, UN Women < https://spring-forward.unwomen.org/en/co... Accessed 13 April 2019
  • 33. ‘Qatar: Promises Yet to Be Fulfilled’ (Amnesty International 2019) <https://www.amnesty.org/download/Documen... accessed 13 April 2019.
  • 34. قانون الأحوال الشخصية في سلطنة عمان الصادر عام 1997 <https://omanportal.gov.om/wps/wcm/connec...
  • 35. “Oman” Spring Forward for Women Programme, UN Women < https://spring-forward.unwomen.org/en/co... Accessed 13 April 2019
  • 36. الدستور اليمني الصادر عام 1994، المادة 31
  • 37. دستور اليمن الصادر عام 2015، المادة 76
  • 38. المرجع السابق، المادة 128
  • 39. المرجع السابق، المادة 13، فقرة 4
  • 40. نهال ناجي العولقي "دور النساء في التحول السياسي في الجمهورية اليمنية: التحديات والمنجزات" ملتقى النساء في السياسة بالمنطقة العربية (5 سبتمبر 2015) <https://www.cwpar.org/node/43>