الفصل الثالث: مشاركة النساء في النقابات
لعبت النقابات في المنطقة العربية دوراً فاعلاً في سياسات الدول، وفي الحصول على حقوق عديدة للفئات المهنية والعمالية من المجتمع.
أولاً: شمال أفريقيا
كانت النقابات جزءًا رئيسياً من الحراك الجماهيري في دول شمال أفريقيا منذ نشأتها، كما كانت حاضرة في ثورات الربيع العربي وفي المراحل الانتقالية بعد الثورات. ففي مصر، كان للنقابات منذ الخمسينيات تأثير قوي على المشهد السياسي، بالرغم من جهود الدولة لاحتوائها وتقليص نفوذها. وعندما ظهرت العلامات الأولى للثورة عام 2006، كانت النساء العاملات في صناعة النسيج هن من بدأن سلسلة من الإضرابات التي ألهمت الكثير في مختلف القطاعات ضد الظلم الذي يواجهه العمال والعاملات. وفي ديسمبر 2006، طالبت 3 آلاف امرأة من العاملات بالغزل والنسيج في المحلة الكبرى زملائهن من الرجال بالتوقف عن العمل والانضمام للإضراب. وعندها ظهر الهتاف الذي اشتهر لاحقاً: "الرجالة فين.. الستات اهُم". ثم بدأ ذلك الإضراب في الانتشار عبر مصر، حتى اجتاح قطاع الغزل والنسيج، ثم انتقل لقطاعات النقل والتعليم والتصنيع. وفي عام 2008، احتلت عاملات مصنع ملابس "المنصورة أسبانيا" لعدة أسابيع، وذلك لمنع صاحب المصنع من طردهن وبيع أرض المصنع لمطور عقاري، فقمن بتنظيم اعتصام ونمن ليلاً بين الآلات. وفي السنة التي سبقتها، لعبت ناشطات نساء دوراً قيادياً في إضراب العاملين والعاملات بالضرائب العقارية الذي أدى إلى رفع أجورهم لأكثر من 300% بعد إضراب وطني نظمه لجان إضراب محلية وشبكات نشطاء وناشطات سرية. ووضع هذا الإضراب حجر الأساس لأول نقابة عمالية مستقلة منذ أكثر من خمسين عام؛ هي نقابة موظفي الضرائب العقارية.
مع ذلك، فالنساء النقابيات ما زلن مهمشات إلى حد كبير فيما يخص رئاسة اللجان النقابية ومجالس النقابات ومناصبها القيادية. ويسري ذلك على لجان النساء كذلك، فعدد من النساء لا يعرفن طبيعة عمل لجان النساء في النقابات، بما فيها بعض عضوات تلك اللجان. وطبقاً لدراسة أعدتها مؤسسة المرأة الجديدة، فإن بعض العضوات بالنقابات قلن إنهن يوفرن للنساء تدريبات على الحرف اليدوية ومساعدات عينية، مما يشير إلى افتقاد هذه الكيانات للوعي بالدور الذي يجب أن تقوم به تلك اللجان.
والكثير أيضاً من أعضاء مجالس إدارة النقابات ليس لديهم خطة أو رؤية واضحة للدور المحدد للجان النساء في الدفاع عن حق النساء في العمل.1
هذه الإشكاليات هي نتيجة هيمنة الرجال على النقابات العمالية والمهنية في مصر، والإقصاء الذي تواجهه النساء العاملات من زملائهم في العمل. فقد تم إجبار بعض النساء على الانسحاب من انتخابات النقابات بسبب انتقاد وتهديد زملائهن ومدرائهن لهن؛ حيث ذكرت امرأة كانت تود الترشح في انتخابات إحدى النقابات أن زملائها قالوا إنها ينبغي عليها التركيز في منزلها وأسرتها ويكفي أنها تعمل من الأساس.2 كما أن التشريعات التي تنظم العمل النقابي في مصر قد تجاهلت النساء. ففي قانون النقابات الأخير الذي أثار الجدل بعد تمريره في 2017، لا يوجد أي ضمانات لتمثيل النساء في مجالس النقابات، باستثناء جملة واحدة مبهمة في مادة منه تنص على أنه على النقابات تشكيل مجالسها مع مراعاة تمثيل النساء والشباب قدر المستطاع.3
أما بالنسبة لنظام الكوتا التي تم وضعها بشكل تطوعي من النقابات، ثلاث نقابات فقط هي التي أمنت مقاعد للنساء في لوائحها الداخلية. فاللوائح الداخلية لنقابة العلوم الصحية نصت على تخصيص نسبة 20% كحد أدنى للنساء في مجلس النقابة، بينما تم تخصيص 25% للنساء على الأقل من مقاعد مجلس النقابة العامة للضرائب العقارية، وخصصت لوائح اتحاد عمال مصر الديمقراطي نسبة 20% لتمثيل النساء في المناصب القيادية. ولكن بسبب القانون الجديد، قام الاتحاد بتجميد نشاطه.4
وفي تونس كانت دوماً النقابات العمالية مثلاً يحتذى به فيما يتعلق بنفوذها، ووزنها السياسي، ودعمها للقوى العاملة في تونس. ولكن كان للاتحاد العام التونسي للشغل على الأخص أثر كبير، حيث يعتقد البعض أنه أثر على السياسات التونسية ككل منذ أواخر الأربعينيات. فبعد أن أسسه صاحب البصيرة فرحات حاشد عام 1946، حاز سريعاً على الدعم والتشبيكات الدولية، مما ساعد الاتحاد في الضغط على المستعمر الفرنسي من أجل الحصول على حقوق التونسيين والتونسيات الاجتماعية والسياسية وتعزيز مكانة الاتحاد كعنصر رئيسي في حركة التحرير الوطني. وقد ساهمت النساء العاملات في تونس في انتشار الاحتجاجات والإطاحة بالنظام الاستبدادي، وحتى الآن نجدهن في الصفوف الأمامية لعملية التغيير الديمقراطي في تونس.
تقريباً جميع النقابات المهنية العامة لديها لجان للنساء لتسليط الضوء على قضايا النساء العاملات. وتجد النساء ملاذاً داخل هذه اللجان، وسط تنظيمات عادةً ما يهيمن عليها الذكور، لتوفير الدعم المتبادل واكتساب المهارات القيادية الهامة. واللجنة الوطنية للمرأة العاملة في الاتحاد العام التونسي للشغل تعد مثالاً على أهمية هذه اللجان للنساء العاملات. توفر هذه اللجان قروض صغيرة للنساء لتحسين وضعهن الاقتصادي واستقلالهن المادي، خاصةً عندما تعتمد عليهن الأسرة كعائل وحيد. كما تنظم حملات توعوية لتشجيع النساء على زيادة وعيهن بحقوقهن المدنية، وعلى تعزيز مشاركتهن داخل النقابة. بالإضافة لذلك، تنظم لهن ورش تعليمية وتدريبية لتقوية مهارات العمل لديهن.5
فيما يخص القيادة النسائية، فإن الاتحاد العام التونسي للشغل كان داعماً لقضايا النساء، ونادى بإتاحة فرص للنساء في المناصب القيادية. ولكنه لم يظهر الرغبة في تصعيد نساء لقيادة الاتحاد. غير أن بعض النساء استطعن الوصول إلى مناصب قيادية بفضل تاريخهن النضالي لحقوق العمال وحقوق النساء مثل السيدة أحلام بلحاج الرئيسة السابقة لجمعية النساء الديمقراطيات والتي انتخبت في يوليو الماضي لمنصب كاتب عام للنقابة العامة للأطباء وأطباء الأسنان والصيادلة والاستشفائيين، التابعة للاتحاد العام للشغل. كذلك وصلت النساء لقيادة نقابات وتحالفات مهنية أخرى مثل الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، الذي كان تحت قيادة وداد بوشماوي لمدة ست سنوات ونصف. وكان كياناً رئيسياً في الرباعي الراعي للحوار الوطني، الذي حاز على جائزة نوبل عام 2015 لجهوده في تيسير الفترة الانتقالية في تونس، وإنهاء الاستقطاب السياسي خلال تلك الفترة.
كما تولت النساء رئاسة نقابة القضاة التونسيين، والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. ويجادل البعض بأن غياب النساء من قيادة الاتحاد العام ترجع أسبابه لطبيعة العمل النقابي، الذي يتطلب وقتاً وتواجداً في أماكن عامة قد لا تكون مناسبة للنساء مثل المقاهي.6 ويمكن الرد على ذلك بأن النساء قد اخترقن كل القطاعات في الدولة والعالم. والعادات المجتمعية وأدوار الجندرية التي تتسم بالأبوية هي التي تحصر النساء في أدوار معينة دون غيرها، ولا تقبل تجاوز هذه العادات أو الأدوار التقليدية.
وفي المغرب، جاءت التعديلات على قانون العمل في صالح النساء. فقد عزز قانون العمل الجديد بالمغرب من مبادئ عدم التمييز ضد النساء، وقام بتحسين أوضاع حقوق الأمومة، واعترف بحق النساء في تكوين النقابات. أعطى القانون حقوقاً متساوية للرجال والنساء وحظر التمييز ضد النساء في أماكن العمل. بشكل عام، أعطى القانون حقوقاً خاصة للنساء العاملات، إلى جانب الحقوق العامة التي يتمتع بها النساء والرجال. ووفقا للقانون، للعاملين والعاملات في المغرب الحق في تكوين النقابات والانضمام إليها. وأبرز النقابات التي لعبت دوراً رئيسياً في المطالبة بالإصلاحات كانت الاتحاد المغربي للشغل، والكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والاتحاد العام للشاغلين بالمغرب.
وكان لخروج النساء الكبير لسوق العمل تأثيراً مباشراً على الاهتمام التي أولته المملكة للنساء وحقوقهن داخل أماكن العمل. وتُرجم هذا الاهتمام مبكراً في مدونة الشغل التي تعتبر انتصاراً للعاملات والعاملين المغاربة وللحركة النقابية عموماً.
ولكن النقابات ما زالت تعاني من نقص الكوادر النسائية في القيادات العليا لها، على الرغم من نمو عدد النساء العاملات. ولذلك فإن هناك حاجة لوجود آلية وطنية لتفعيل الحقوق القانونية للنساء العاملات.
وتقف التجمعات المهنية في السودان بنفس قوة وتنظيم نظيراتها في دول المنطقة. فبالرغم من هجمة نظام البشير السابق على كافة أشكال التنظيم، بدأت أشكال جديدة لنقابات غير رسمية في الظهور في السنوات الأخيرة. ففي أكتوبر 2016، تم تأسيس تجمع المهنيين السودانيين لصياغة ميثاق تحالف بين ثلاثة من أكبر التجمعات المهنية في السودان وهم: لجنة أطباء السودان المركزية، وشبكة الصحفيين السودانيين، والتحالف الديمقراطي للمحامين. وحالياً يوجد خمس عشرة مجموعة من النقابات واللجان المهنية تحت مظلة التجمع. كان التجمع في البداية معنياً بحل مشاكل المهنيين المجتمعين تحت مظلته. وبحلول أواخر عام 2018، اتخذ التجمع دوراً بارزاً في الثورة السودانية بتنظيم التظاهرات التي طالبت بتنحي البشير عن السلطة. وبالرغم من عدم وجود هيكل تنظيمي للتجمع أو إحصائيات لعدد أعضائه وعضواته، فإن هناك العديد من النساء في قياداته والمتحدثين باسمه، مثل السيدة سارة عبد الجليل، رئيسة هيئة نقابة الأطباء السودانية في المملكة المتحدة.7 وقد استجابت النساء والرجال معاً إلى دعوة تجمع المهنيين السودانيين للتظاهر، وشارك فيها قطاعات متعددة من المجتمع السوداني، وخلال ذلك ظلت النساء دوماً في طليعة الاحتجاجات.
يشبه الوضع الحالي في الجزائر كثيراً نظيره في السودان. فإن ثورة الجزائر التي أطاحت ببوتفليقة شكلت مصدر إلهام للسودانيين والسودانيات. غير أن نسبة مشاركة النساء في العمل النقابي مازالت أقل مما تستحقه، خاصةً مع تواجد النساء في جميع القطاعات المهنية والعمالية، وتصل إلى الأغلبية في بعضها مثل قطاع التعليم. وعلى مستوى القياديات النقابية، فمازالت نسبة تواجد النساء في المناصب القيادية للنقابات ضئيلة، ولا تعكس تواجدها الكثيف في سوق العمل. ويُرجع البعض أسباب هذا العزوف إلى عدة معوقات اجتماعية وثقافية، فمثلاً لا تتمتع النساء بحرية التواجد ومزاولة العمل النقابي لأوقات متأخرة عادةً ما تكون بعد ساعات الدوام مثل الرجال.8
وأخيراً في ليبيا، فعلى الرغم من التأكيد -على مستوى الخطاب والتشريع- على تفعيل مشاركة المرأة في النقابات والاهتمام بتقلدها مستويات عليا في المجالس النقابية، جاءت استجابة العنصر النسائي للعمل النقابي ضعيفة جداً ولا يمكن مقارنتها مع مشاركة الرجال.9 يتضح ذلك من خلال ملاحظة واقع المشاركة النقابية للمرأة علي مستوى كافة النقابات والاتحادات والروابط المهنية بمدينة بنغازي. 10فالعدد الإجمالي للمنتسبين للنقابات والاتحادات والروابط المهنية على مستوى المدينة11 بلغ عام 2009 ما مجموعه (85458) حيث تم انتخاب (28) امراة فقط وهي مشاركة ضعيفة جداً.
يوضح الجدول التالي أن من تم اختيارهم للنقابات الحرفية في المدينة البالغ عددهم (112) منتخباً لا يوجد بينهم سيدة واحدة. بينما أكثر نسبة مشاركة للمرأة لوحظت في النقابات المهنية، حيث نسبتها إلي الرجال المنتخبين بلغت (5 %)، وهي مع ذلك تظل نسبة ضئيلة جداً. كذلك مشاركة المرأة المنتخبة في المؤتمرات النقابية الخدمية والإنتاجية ليست أفضل حالاً من سابقتها، فلقد سجلت نسبة المرأة المنتخبة 3% من إجمالي المنتخبين.
اجمالي المنتسبين |
العدد |
عدد المنتخبين |
عدد المنتخبات |
نسبة المنتخبات |
عدد المنتسبين للنقابات الحرفية |
18248 |
112 |
لا يوجد |
0% |
عدد المنتسبين للنقابات المهنية |
32910 |
330 |
15 |
5% |
عدد المنتسبين للمؤتمرات النقابية الإنتاجية والخدمية |
33376 |
515 |
13 |
3% |
عدد المنتسبين للروابط المهنية |
930 |
15 |
غير متوفر |
غير متوفر |
واقع المشاركة النسائية في النقابات المهنية والإنتاجية والخدمية على مستوى بنغازي 2010.12
يعزو أمين شؤون النقابات والاتحادات والروابط المهنية بالمؤتمر الشعبي للشعبية (مجلس البلدية) هذا الغياب للعنصر النسائي إلى أسباب تتعلق سواءً بعدم وجود رغبة في الإنخراط في العمل النقابي برمته، أو من خلال رغبة المرأة في قصر مشاركتها في النقابات الأساسية فقط، وذلك تجنباً للالتزامات التي قد تفرضها الانتخابات عليها سيما المتعلقة بالسفر المستمر للمشاركة في اجتماعات النقابة العامة في مدينة طرابلس، مما لا يتماشى مع ظروفها الاجتماعية. 13
لو اخذنا مشاركة المرأة في نقابة المحامين كدراسة حالة، فإننا نسجل أن العام 1974 بداية ولوج المرأة إلى مجالس النقابة عن طريق اختيار سيدة واحدة فقط. ومنذ ذلك الحين أي بعد حوالي أكثر من خمسة عقود من نشأة النقابة العامة للمحامين، لم يتم انتخاب سيدة في عضوية مجلس النقابة العامة. ومنذ عام 1976 لم يتم تصعيد أي محامية لعضوية مجلس النقابة العامة، حيث اقتصرت مشاركة المحاميات في النقابات الأساسية للمحامين كما هو واضح من الجدول التالي. الأمر الذي لا يتوافق مع تاريخ النقابة ولا بالدور المنوط بها في المجتمع. ولم تنجم الانتخابات المتكررة لأعضاء مجالس النقابة منذ عام 1962 سوى عن مشاركة خمس محاميات فى هذه المجالس، وهي مشاركة باهتة لا تنسجم مع العدد المتزايد للنساء فى المهنة بشكل عام، والذي يقارب حوالي40% من مجموع المحامين/ات، البالغ عددهم عام 2009 وفقاً لسجلات النقابة العامة (7958) محام ومحامية.
اسم المحامية |
المنصب |
الفرع النقابي |
السنة |
رجاء منصور |
عضو مجلس نقابة |
النقابة العامة |
1974-1976 |
وداد الهمالي |
أمين مساعد |
بنغازي |
1990 |
فريحه الشركسي |
أمين مساعد |
بنغازي |
1997- 1999 |
آمنه البرعصي
|
أمين مساعد |
طرابلس |
1997- 1999 |
نبيلة هرهور
|
أمين مساعد |
الزاوية |
1997- 1999 |
مساهمة النساء في مجالس نقابة المحامين منذ عام 1974 حتى 1999.14
وبعد غياب، عادت النساء عام 1997 بقوة إلى مجالس النقابة، حيث تم اختيار المرأة كأمين مساعد في ثلاث نقابات فرعية للمحامين. تأتي تلك المشاركة كاستجابة لتعميم مؤتمر الشعب العام (المجلس التشريعي)، الذي نص على أهمية إشراك المرأة في المجالس النقابية بناءً على توجيه للعقيد القذافي كشرط لاستكمال الانتخابات، الأمر الذي تم تطبيقه على نطاق واسع (ثلاث نقابات أساسية من خمس اختارت عنصراً نسائياً كنقيب مساعد على مستوى نقابة المحامين).
الظاهرة ذاتها نلاحظها على مستوى نقابات مهنية أخرى مثل نقابة المعلمين والمهندسين في تلك الفترة، هذا مأ أكدته لنا الأمين المساعد لنقابة المهندسين في بنغازي خلال فترة التسعينيات، والتي تفاجأت بترشيحها من قبل بعض الزملاء، وذلك استكمالاً لشروط الانتخاب لمجلس نقابة المهندسين في تلك الفترة.15
الجدير بالملاحظة أن هذا التعميم كان سارياً حتى عام 2010 في بعض النقابات، حيث نجد 12 أميناً مساعداً من النساء، وإن كنا لا نستبعد أيضاً وجود الرغبة لدى بعض النساء في الإنخراط في العمل النقابي، ولكن توقف النساء عند حد منصب الأمين المساعد قد يفسر جزئياً هذا الإقبال.
النقابة |
المنصب |
نقابة المعلمين |
أمين مساعد (نقيب مساعد) |
نقابة المهن الطبية المساعدة |
أمين مساعد + عضو بالأمانة |
نقابة الصيادلة |
عضو بالأمانة |
نقابة المحامين لحساب أنفسهم |
عضو بالأمانة |
نقابة المحاماة الشعبية |
أمين مساعد + 3عضوات بالأمانة |
نقابة التدريس الجامعي |
عضو بالأمانة |
نقابة المحاسبين والمراجعين |
عضو بالأمانة |
نقابة الأخصائيين الاجتماعيين |
عضو بالأمانة |
نقابة طب الأسنان |
أمين مساعد |
نقابة المهن الهندسية |
أمين مساعد |
مواقع النساء المنتخبات على مستوى مدينة بنغازي بالنقابات المهنية لعام 2010
بعد تغيير النظام في 2011، وبالرغم من انتشار حمى النشاط المدني ومشاركة النساء فيه، إلّا أن ذلك لم يمتد الى العمل النقابي. فلقد شكلت نقابة المحامين لجنة تسييرية لاوجود لسيدة فيها حتى الآن. الأمر ذاته يصدق على مشاركة النساء في نقابة أعضاء هيئة التدريس بجامعة بنغازي، حيث لم تصل المشاركة للمتوخى والمتوقع بعد انتشار حمى تشكيل المنظمات والانتساب إلى النقابات بعد 2011، حيث يبلغ حالياً عدد رئيسات المجالس النقابية للكليات خمس نقيبات فقط. علماً بأن إجمالي عدد النساء المشاركات في عضوية مجالس نقابة أعضاء هيئة التدريس بلغ 16 عضو هيئة تدريس من النساء في الوقت الذي تشكل فيه الأستاذات الجامعيات نسبة 43% من إجمالي كادر أعضاء هيئة التدريس في جامعة بنغازي16 ، مقابل 80 عضو من الرجال، وهي نسبة ضعيفة تتساوى بها مع مشاركة النساء في انتخابات النقابات الحرفية والانتاجية.
ينطبق الأمر ذاته على أغلب النقابات، ولا علاقة له بالمستوى التعليمي ونوع النقابة مهنية كانت أم حرفية، فالوعي النقابي ضعيف، ناهيك عن اللامبالاة في الانخراط في العمل النقابي، والذي قد يرجع الى عدم القناعة بالتأثير أو جدوى دور النقابة أساساً. هذا فضلاً عن عدم اتضاح الإطار القانوني، فحتى تاريخه لا زالت النقابات المهنية ينظم أغلبها بالقانون ( 23) لسنة 1998، الذي يظل عاجزاً عن التعبير عن المبادئ الدولية المنظمة للعمل النقابي، لاستمرارية إدراجه للنقابات ضمن مؤسسات الدولة.
إجمالاً، يمكننا أن نعتبر أن أهم الأسباب الكامنة وراء إحجام المرأة عن المشاركة في المجالس النقابية تتمثل في:
- غياب الديمقراطية والتداول عن الأجسام النقابية، مما قلل فرص النساء وإقصاهن بشكل عام عن المستويات القيادية في العمل النقابي، ووقف عائقاَ أمام تجديد دمائها ورفدها بطاقات جديدة سواء نسوية أو شابة.
- العوامل الموضوعية والذاتية المتعلقة بالمرأة كتأثير الحياة المهنية على المشاركة النقابية، وضعف الوعي النقابي بشكل عام، كذلك تأثير المجتمع على المشاركة النقابية (المهام الاجتماعية والعائلية وتقسيم الأدوار) كلها ساهمت في إحجام المرأة عن المشاركة.
- عدم توفر الاهتمام الحقيقي من قبل النساء بالانضمام الى النقابات لتعزيز مكانتهن بالدفاع عن حقوقهن.
- حيلولة الأعراف والتقاليد دون مشاركة النساء، على اعتبار أن وظيفتها المنزلية أهم من هذه المشاركة.
إهمال النقابات للنساء وعدم تبني سياسة لاجتذابهن للعمل النقابي، بل إن هناك محاولات لإقصائهن عن المشاركة في المستويات العليا للنقابة واقتصار وجودهن فقط ضمن القاعدة.
ثانياً: غرب آسيا
بدءًا من فلسطين، لعبت الحركة النقابية والعمالية الفلسطينية دوراً تاريخياً في المشهد الحقوقي والسياسي، وفي الصراع ضد الاحتلال الإسرائيلي.17 غير أن وضعها في الوقت الراهن، وبالأخص وضع النساء، تراجع بشكل كبير. ويرجع ذلك إلى عدة عوامل أهمها:
- عدم وصول اتفاقية أوسلو إلى أهدافها المتعلقة بالسلام في المنطقة، وممارسات الاحتلال القمعية، مما أدى إلى حالة من الإحباط طالت النقابات.
- يتمثل العامل الثاني في سيطرة الأحزاب السياسية على النقابات. فمع تقسيم النقابات كحصص على الأحزاب السياسية التي تعاني هي نفسها من التشتت، تراجعت النقابات في طريق التطور والتجديد لسنوات عديدة، وتسللت البيروقراطية إلى عملها. أثر ذلك بصفة خاصة على النساء النقابيات، وعلى مشاركتهن في العمل النقابي. حيث تفضل الأحزاب غالباً فوز الرجال لتمثيلها في النقابة، وذلك لقناعتها أن تمثيلها من خلالهم أقوى، مما أنتج وضعاً غير متكافئ. فبينما تشكل النساء 60% من قاعدة نقابة التمريض، لم يتجاوز نسبة تمثيلهن في القيادة نسبة 20% من التشكيل.
- معاناة النساء من العادات والتقاليد التي يغلب على معظمها الطابع الذكوري. كما أن التوجه نحو العشائرية من ناحية، والإسلام السياسي من ناحية أخرى، وتسييس العمل النقابي أدى ليس فقط إلى تراجع دور النساء في العمل النقابي، إنما إلى عزوفهن عن الانتساب للنقابات. فخطاب الإسلام السياسي في قطاع غزة على سبيل المثال أثر بشكل ملحوظ على مشاركة النساء في الحياة السياسية، وساهم النظام العشائري والمحاباة السياسية فيما بين الأحزاب السياسية والعشائر في إقصاء النساء نتيجة للثقافة الأبوية المرتبطة بالأطر الاجتماعية المحافظة.
- ارتباط المشاركة النسائية في العمل النقابي بالتمويل الدولي منذ أوسلو، مما أضعف ثقافة العمل التطوعي.
فرضت النساء النقابيات قضايا اجتماعية واقتصادية تخصهن على الساحة السياسية مثل المساواة في العمل والأجور، وكذلك حقوق النساء العاملات في إجازات الحمل، بالإضافة إلى مكافحة والقضاء على جميع أشكال العنف القائم على النوع في أماكن العمل. بعض القضايا تم الاستجابة لها نتيجة للضغط النسوي، لكن المساواة والعدالة الجندرية في العمل النقابي مازالت بعيدة.
أما بالنسبة للوائح الداخلية للنقابات، فالعديد من النقابات لم تقر نسباً تمثيلية للنساء في الهيئات القيادية بعد باستثناء الاتحاد العام لنقابات فلسطين ونقابة التمريض والقبالة الفلسطينية. غير أن تلك النسب وضعت بشكل غير واضح، ولم تذكر أية مستويات أو هياكل تتضمنها "الكوتا". وحتى بعد تطبيق "الكوتا" نجد فروقاً كبيرة بين أعداد النساء بتلك النقابات وبين أعدادهن في الهيئات العليا، مثل نقابة التمريض. فيوضح الشكل السابق كيف أن نسبة النساء التي تبلغ 60% لا تتناسب مع "الكوتا" التي تم تحديدها. بعض اللوائح في نقابات أخرى لم تذكر وضع النساء منذ إنشائها قبل سنوات عديدة، مثل بعض النقابات الفرعية للعاملين في الجامعات الفلسطينية.
وعن نقابة الصحفيين الفلسطينيين، فقد أنشأت دائرة خاصة بالنوع الاجتماعي، لكن تلك الخطوة تبدو أنها اتُخذت لأسباب إجرائية لمطابقة شروط الانضمام لاتحاد الصحفيين الدولي، وليس لرغبة حقيقية نابعة من النقابة في تحسين وضع الصحفيات النساء في العمل وداخل النقابة. كما أنها أقرت في نظامها الداخلي الذي أقرته عام 2011 تشكيل دوائر خاصة بالنساء، أو تحديد كوتا نسائية في الهيئات القيادية للنقابة. مع ضمان تمثيل النساء في القوائم المرشحة بما لا يقل عن 20%، وعلى أن تكون واحدة منهن على الأقل في الأسماء الخمسة الأولى بالقائمة. غير أن التمثيل النسائي مازال ضعيفاً بما لا يتناسب مع وجود النساء في سوق العمل. فتحتل امرأتان فقط مقاعد بالأمانة العامة للنقابة، و 16 صحافية بالمجلس الإداري للنقابة من أصل 61 عضواً بنسبة 26%.
لبنان
لا يتحسن الوضع بالنسبة إلى لبنان مقارنة بفلسطين، فقد عانت النقابات اللبنانية شأنها شأن الأحزاب السياسية من الانقسامات، وانعكست ديناميكيات ما بعد الحرب الأهلية على تركيبتها وعملها. ومثل النقابات الفلسطينية، فبداياتها كانت قوية ومزدهرة ومنصبة على حقوق العمال والمهنيين، وتمثيلهم تمثيلاً حقيقياً وخرجت ببعض الانتصارات. حتى اندلعت الحرب، حينها حاولت الحركة العمالية البقاء على وحدتها، وعملت على عدم تسريح العمال والموظفين.
بعد انتهاء الحرب، تضاعف عدد النقابات والاتحادات العمالية ليصل إلى حوالي 52 اتحاداً يضم أكثر من 500 نقابة. فسمح قانون الجمعيات اللبناني بتشكيل اتحاد عمالي لكل ثلاث نقابات أو أكثر. ومع هذا التشتت، ضعفت قدرة الحركة العمالية في الحفاظ على التماسك وإحداث تغيير. وتدخلت الأحزاب السياسية في شؤون النقابات، وأدخلت الطائفية في عمل الاتحاد العمالي العام مما أدى إلى انهياره. وأصبحت الأحزاب السياسية تطالب بحصتها من الأعضاء داخل الاتحاد.
بالتأكيد ساهمت تلك العوامل في انخفاض حضور النساء داخل الهيئات القيادية للنقابات. وعلى الرغم من ارتفاع نسبة النساء العاملات، فاستمرت الفوارق كبيرة بين الرجال والنساء. وعلى صعيد الهيئات العليا، فلا يتم انتخاب ممثلي الاتحادات من القواعد النقابية، بل يتم انتدابهم وبذلك تقل فرص النساء أكثر في الوصول لتلك المناصب، نظراً لأن العديد منها يُدار حسب الأهواء الحزبية التي تعاني من تهميش النساء في الأصل. وأظهرت بعض الدراسات أنه حتى في النقابات ذات الأغلبية النسائية، تغيب النساء عن مناصب صنع القرار ويستأثر بها الرجال. مثال على ذلك نقابة المعلمين التي تصل نسبة انتساب النساء بها إلى 79%، ولا توجد أية امرأة في مجلسها. وبشكل عام تُظهر تلك الدراسات أن نسب النساء في المجالس التنفيذية لجميع النقابات تكون أقل من نسب انتسابهن في النقابات. ومن جانبها حاولت بعض النقابات زيادة تمثيل النساء بها وبقياداتها. فعلى سبيل المثال نقابة المصارف في الشمال، ازداد عدد النساء داخل الهيئة التنفيذية ليصل إلى 33%، ويرجع الفضل في ذلك إلى الحملة التي أقامتها رئيسة النقابة لتشجيع النساء على المشاركة بقيادة النقابة. بعض النقابات الأخرى حاولت كذلك زيادة تمثيل النساء بمجالسها، من خلال إقرار "كوتا" بنظامها الداخلي، ونجح بعضها في ذلك، بينما فشل آخرون نتيجة لمواقف الأحزاب المسيطرة.
الأردن
أما في الأردن، فقد ارتبطت مسيرة الحركة العمالية والنقابية الأردنية وتطورت بتطور الحياة السياسية، وبانحسار حرية التنظيم في فترات طويلة من عمر الدولة. فخلال فترة الأحكام العرفية التي استمرت 35 عاماً حظرت فيها الأحزاب السياسية، كانت النقابات المهنية تشكل ملاذاً للقوى الوطنية، وتبنت العديد من القضايا الحقوقية والوطنية.
ومع انفتاح الدولة السياسي منذ عام 1989 وتطوير منظومة التعليم، ازدادت أعداد الخريجين/ات من التخصصات المهنية مثل المهندسين/ات والصيادلة حتى صار عدد النقابات المهنية حوالي 13 نقابة حتى الآن. وتأتي نقابة المهندسين كأكبر النقابات من حيث حجم العضوية. بينما عدد النقابات العمالية 17 نقابة يضمهم الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن تحت مظلته.
بالنسبة للنقابات المهنية، تتركز النسبة الأكبر في نقابة المهندسين تليها التمريض ثم الصيادلة، وتتخطى كل من الثلاث نقابات 50% من إجمالي عدد الأعضاء. غير أن هذه النسب المرتفعة لا تتناسب مع نسبة تواجد النساء بالمجالس المنتخبة للنقابات. بل تظهر لنا فجوة كبيرة بين نسب المشاركة في النقابات ونسب المشاركة في المجالس. على سبيل المثال، فمجلس نقابة المهندسين الأردنيين لا يضم أية مهندسة. وبالنظر إلى لجنة المهندسات بالنقابة، نجد أن مهامها لا تتضمن تفعيل مشاركة العضوات باللجان أو بالمجلس. وينعكس ذلك على عدد رئيسات اللجان البالغ ثلاث فقط من أصل 20 لجنة، متضمناً لجنة المهندسات، أي بنسبة 15% فقط.18 أما عن خطة النقابة الحالية، فتم ذكر المهندسات النساء فقط في واحدة من الأهداف وهو "رفع كفاءة وفاعلية الهيئات التطوعية (المتطوعين، الشباب، المهندسات،..)".19
أما عن نقابة صيادلة الأردن، فتمثل النساء الصيادلة حوالي 56% من إجمالي عضويات النقابة. ولكن شأنها شأن نقابة المهندسين، فمجلس النقابة الحالي لا يضم سوى عضوتين فقط من أصل 11 عضواً بنسبة 18%.20
ويأتي ذلك التهميش للنساء النقابيات نتيجة لعدة عوامل منها:
العوامل الاجتماعية والثقافية:
شأنها شأن الأحزاب السياسية، تتعرض النساء النقابيات لضغوط مجتمعية نتيجة لنشاطها النقابي. وخاصةً في المناطق الريفية وخارج المدن. كذلك طبقاً لبعض الدراسات، مازال الرجال يرون أن من حقهم منع زوجاتهم من مثل هذه النشاطات إذا أثرت على "واجبات" النساء المنزلية، وبخاصة إذا كان لديهن أطفال.
العوامل السياسية والقانونية:
ترى العديد من النساء أن النشاط النقابي قد يزج بهن في صدام مع الأمن، ولذلك تفضل العديد منهن عدم الانخراط خوفاً من الملاحقة الأمنية. ولكن ذلك السبب قد يكون مرتبطاً بما أظهرته بعض الدراسات بأن هناك عدد من النساء وكذلك الرجال ، النقابيون/ات ليس لديهم دراية كافية عن دور النقابات وعن قانون العمل الأردني. وتزداد نسبة هذه الشريحة في النقابات العمالية.
ضعف العمل النقابي وخاصة للنساء:
يتبين لنا أن ضعف بعض النقابات، وخاصة العمالية منها هو بحد ذاته سبب لعزوف النساء عن المشاركة بها، وكذلك غياب الآليات التي تعزز من مشاركة النساء مثل اعتماد نظم الحصص "الكوتا" في الهيئات الإدارية والمكتب التنفيذي للنقابات.
سيطرة الرجال على العمل النقابي:
تؤثر سيطرة الرجال في العمل النقابي على مشاركة النساء، تماماً مثل الأحزاب السياسية. فتواجه النساء النقابيات ما تواجهه النساء السياسيات من تهميش، وعدم ثقة المجتمع فيهن وفي قدرتهن على أداء مهامهن.
عدم تناول النقابات قضايا العمل النساء:
تظهر على النقابات المهنية والعمالية عدم الاهتمام بحقوق النساء العاملات وبأولوياتهن. فمثلاً لا تناقش العديد من تلك النقابات قضايا مثل الموازنة بين الحياة العملية والحياة الخاصة، كذلك التمييز ضد النساء والعنف القائم على النوع الاجتماعي، والمساواة في الأجور بين الرجال والنساء، بالإضافة إلى القضايا التي تخص النساء مثل التأمين الصحي ورعاية الأطفال والمواصلات وإجازات الحمل والوضع والتي تشكو منها خصوصاً النساء العاملات في القطاعات غير الرسمية. بعض هذه القضايا تقع مسئولية حلها مباشرة على النقابات، وبعضها الآخر على الدولة، غير أن النقابة مطالبة كذلك بالضغط والحشد لتنفيذها. لكن الوضع العام يوحي بأن العديد من النقابات ترى أن تلك القضايا هي مشكلات تخص النساء وحدهن.21
وبالنسبة إلى الوضع في سوريا، فحالة النقابات ودورها مغيب تماماً. فمنذ عقود والنقابات تخضع لسيطرة كاملة من النظام السوري الذي يعمل على فرض أيديولوجياته عليها. وساعد النظام في ذلك أن بدايات هذه السيطرة جلبت معها بعض المكاسب للعمال والفلاحين. لكن في المقابل لم يكن مسموحاً لأعضائها وهيئاتها بطرح أي مطالب لهم، أو أن يعبروا عن نقدهم للسياسات الاقتصادية. تندرج النقابات تحت مؤسسات الدولة، وليست ضمن مؤسسات المجتمع المدني. ولكن في الحالة السورية غابت تلك النقابات والاتحادات المهنية، وتحولت إلى مؤسسات سلطوية. في عام 1980 تم اعتقال جميع الإدارات المنتخبة لنقابات المحامين والأطباء المهندسين والصيادلة بسبب دعوتهم إلى الإضراب احتجاجاً على استمرار قانون الطوارئ. في ظل هذه الظروف القاتمة، لم يكن هناك مشهد نقابي حقيقي لتتشاركه النساء.
وبالرغم من ندرة المعلومات والإحصاءات حول وضع النساء بالنقابات ونسبة تمثيلهن، نستطيع أن ننظر إلى نقابات مهنية كبرى كالمهندسين والمحامين، فلا نجد أية نساء عضوات في مجالس تلك النقابات. كذلك اللوائح الداخلية لا تتطرق لمسألة مشاركة النساء في العمل النقابي، ناهيك عن تمثيل النساء في المناصب العليا.
ثالثاً: الخليج العربي واليمن
تتسم الحركة النقابية بدول الخليج عموماً بالضعف وسيطرة الحكومات عليها. فالكويت -وهي أول دولة في منطقة الخليج العربي تقنن العمل النقابي في عام 1964 من خلال قانون العمل- قد تم إصدار قانون جديد للعمل في عام 2010 ضم عمل النقابات العمالية. وافتقر القانون الجديد إلى عدة جوانب أساسية في العمل النقابي، منها الحق في الإضراب وحق العمال الأجانب في الانضمام للنقابات. كذلك لم يتضمن القانون مواداً تحمي النقابيين والنقابيات من التمييز أو الإجراءات التعسفية جراء مزاولتهم/ن العمل النقابي.22
ومازالت النقابات تفتقر إلى المشاركة النسائية، وبالأخص في المراكز القيادية. وقد يفسر ذلك عدم التفات النقابات كثيراً لقضايا النساء العاملات مثل ممارسات التمييز في فرص العمل، والعنف ضد النساء وخصوصاً العاملات الأجنبيات.
ويأتي تمثيل النساء في المواقع القيادية بالنقابات إلى مستوى شبه معدوم. فمثلاِ لا يضم المجلس التنفيذي للاتحاد العام لعمال الكويت أي نساء، وكذلك بمجلس اتحاد عمال البترول وصناعة البتروكيماويات. بالإضافة إلى ذلك، ليس هناك أي نساء في المجالس التنفيذية للنقابات سواء البترولية منها أو نقابات القطاع الحكومي غير سيدتين نقابيتين. الأولى تشغل منصب سكرتير العلاقات الخارجية بالمجلس التنفيذي لنقابة العاملين بوزارة الصحة،23 والثانية تشغل منصب عضو بالمجلس التنفيذي الحالي لنقابة العاملين بشركة ناقلات النفط الكويتية.24
الوضع في البحرين مشابه لما عليه في الكويت، فكانت البحرين ثاني دولة في منطقة الخليج بعد الكويت لتقنين العمل النقابي. غير أن البحرين خصصت قانوناً مستقلاً للنقابات وهو قانون رقم 33 لسنة 2002 بشأن النقابات العمالية. ويسمح القانون لكل من العاملين/العاملات البحرينيين والأجانب بالانضمام للنقابات. لكن في العام التالي لإصدار قانون النقابات، تم إصدار تعميم صادر عن ديوان الخدمة المدنية يحظر تأسيس نقابات بالقطاع الحكومي.25 ونظراً للتقلبات السياسية البحرينية ومحاولات الدولة المتكررة لقمع القوى المدنية، أصدرت الدولة قراراً من مجلس الوزراء حظرت فيه الإضراب بعدد من القطاعات، وصل عددها 12 قطاعاً. ويعاقب بقانون العقوبات إذا ترك أو استقال ثلاثة عاملين على الأقل بالحبس، أو إذا امتنعوا عن أداء عملهم. كانت تلك الانتهاكات دافعاً للحركة العمالية والنقابية لتواجه الحكومة أثناء الحركة الاحتجاجية عام 2011. ونتيجة لذلك الحراك تعرض آلاف العمال للفصل والإيقاف وقد وصل عددهم إلى 4000 عامل.
وتأثرت النساء العاملات بهذه الانتهاكات، خصوصاً أن أغلبهن لسن عضوات في أية نقابة. وبالتالي فهن معرضات لظلم وتمييز أشد وبدون غطاء حمائي من قبل النقابات. أما عن النقابيات فيمثلن نحو 8% فقط من إجمالي عدد المسجلين بالنقابات. وتعد تلك النسبة ضئيلة للغاية مقارنةً بمدى انخراط النساء في سوق العمل. غير أن التعميم الصادر في عام 2003 من ديوان الخدمة المدنية كان له تأثير بالغ على قلة تواجد النساء في النقابات.26 إضافة إلى ذلك، فتشترك النساء العاملات في البحرين مع قريناتهن بالدول الأخرى في المنطقة العربية في وضع سوق العمل، وتعدد مهام النساء العاملات بين العمل من ناحية والمنزل والأسرة من ناحية أخرى، وعدم توافر الوقت أو الجهد للعمل النقابي. أيضاً هناك تخوف النساء من العمل النقابي نظراً لاستهداف الدولة للنقابات.27
تأتي سلطنة عمان كثالث دولة في المنطقة تجيز تشكيل النقابات العمالية بموجب المرسوم السلطاني رقم 74 لسنة 2006. وتبعه إصدار عدة قرارات وزارية بخصوص تشكيل وتسجيل النقابات والاتحادات العمالية والاتحاد العام لسلطنة عمان، وآخرها كان القرار رقم 500 لسنة 2018. غير أن القانون الجديد قيد حرية النقابات في عدة مسائل منها عدم انضمام أي نقابة أو اتحاد عمالي إلى الهيئات أو الاتحادات الدولية أو المشاركة في أي من نشاطاتها بدون موافقة وزارة القوى العاملة. ويعتبر تمثيل النساء فيها متواضعاً. فمثلاً توجد عضوتان من النساء في مجلس إدارة الاتحاد العام لعمال سلطنة عمان، وحوالي 65 عضوة فقط في الهيئات الإدارية للنقابات والاتحادات العمالية البالغة أكثر من 260 نقابة عمالية، ومثلت 8 عضوات لجان المرأة العاملة بالنقابات في مفاوضات جماعية عام 2018.28
أما في اليمن، فالتشكيلات النقابية يعود تاريخها إلى الخمسينيات من القرن الماضي، وخاضت معارك عديدة مع الدولة من أجل حقوق ومصالح العمال. لكنها لم تنصف النساء من ناحية مشاركتهن في النقابات وأنشطتها، ولا على مستويات صنع القرار. فلا تمثل النساء غير 20% فقط من سوق العمل،29 وتسقط تلك النسبة إلى 1% فقط كعضوات في نقابات طبقاً لبعض الدراسات.30 تعود تلك النسب المتدنية رغم قدم الحياة النقابية في اليمن إلى عدة أسباب. أولها هي التركيبة الاجتماعية والثقافية لليمن، وكونه يتكون من عدة قبائل تحتكم إلى العادات والتقاليد الصارمة والمنغلقة. كذلك تأثير التيارات الإسلامية المتشددة، والتي ترفض خروج النساء إلى العمل والمشاركة بالتنظيمات النقابية. وتأتي الحرب المشتعلة في اليمن أحد أكبر الأسباب التي تجعل النساء تعزف عن المشاركة في النقابات أو غيرها من الكيانات التنظيمية. غير أن الحرب أجبرت العديد من النساء إلى الخروج للعمل نظراً للظروف الاقتصادية الطاحنة التي يعانيها الشعب اليمني، لكن أغلب تلك الأعمال هي ذات طبيعة غير منتظمة وغير رسمية، وبالتالي تفقد النساء الحماية القانونية التي قد توفرها لهن النقابات.
أما عن السعودية والإمارات العربية المتحدة، فليس هناك عملاً نقابياً. فالسعودية تعاقب كل من أسس نقابة بالفصل والحبس، وترحيل الأجانب منهم. كما أن حق الإضراب غير معترف به في المملكة. لكن تشكيل اللجان العمالية مسموح به، وهي كيانات ليس لديها ثقل سياسي أو سلطة في التفاوض أو المشاركة المجتمعية، ويقتصر دورها على تقديم توصيات بخصوص ظروف العمل ومعايير الإنتاجية والسلامة. وتكون تلك اللجان متاحة فقط للعمال السعوديين، بالإضافة إلى أن اعتمادها يأتي من وزير العمل. وبالنسبة إلى النساء العاملات، فالسعودية تعتبر من أكثر الدول في العالم تشدداً تجاه النساء. ولكن طبقاً للقرار، فمن حق النساء المشاركة بتلك اللجان سواء كعضوة أو كمرشحة.
ولا تختلف الإمارات كثيراً في موقفها من النقابات عن المملكة العربية السعودية. فلا يوجد قانون أو قرار يسمح بالعمل النقابي، وتشترك مع البحرين في قوانينها التي تعاقب أية استقالات جماعية (ثلاثة أشخاص أو أكثر). ولا يتناول القانون الاماراتي الحق في الإضراب أو يقننه. لكن يسمح القانون كذلك لوزير العمل بإنهاء أي إضراب، وإجبار العمال على العودة إلى العمل. ولا يسمح للعمال الأجانب الإضراب تحت أي ظرف، وكذلك العاملين بالقطاع العام وحراس الأمن.
توجد في الإمارات نقابات مهنية، غير أن تلك النقابات ذات طابع خدمي واجتماعي.
وانضمت قطر حديثاً إلى دول المنطقة التي تسمح بالعمل النقابي، وذلك بعد حملات ضغط إقليمية ودولية. وسمحت بتشكيل لجان عمالية، غير أن تلك اللجان تشمل ممثلين لأصحاب العمل. ومع ذلك، فالعمال ما زالوا عرضة لانتهاكات عديدة وخاصة النساء اللواتي يعملن في العمالة المنزلية، منها العمل لساعات طويلة. وغير محميات ضمن قانون العمل القطري، ويستحوذ أصحاب العمل على جوازات سفرهن، كذلك يكن معرضات في كثير من الأحيان إلى سوء المعاملة، والانتهاكات الجسدية والنفسية وأشكال العنف الأخرى والقائمة على النوع.31
- 1. منى عزت، النساء والعمل النقابي، مؤسسة المرأة الجديدة (2014) <https://manshurat.org/node/22012>
- 2. المرجع السابق، ص 16
- 3. قانون رقم 213 لسنة 2017 بإصدار قانون المنظمات النقابية وحماية التنظيم النقابي، الجريدة الرسمية (50 ب مكرر) 17 ديسمبر 2017
- 4. محمد مختار، اتحاد عمال الديمقراطي "المستقل" يجمد عضويته ونشاطه، جريدة الأهالي (16 مايو 2018) <http://alahalygate.com/?p=66670>
- 5. Tula Connell, ‘Tunisian Women: Sustaining the Fight for Equal Rights’ (Solidarity Center 2013) <https://www.solidaritycenter.org/publica... accessed 12 April 2019.
- 6. Mohamed-Salah Omri, ‘No Ordinary Union: UGTT and the Tunisian Path to Revolution at Transition’ (2015) 1 Workers of the World: International Journal on Strikes and Social Conflict 14 <https://ora.ox.ac.uk/objects/uuid:52ff95... accessed 12 April 2019.
- 7. ‘Spokespersons’ (Sudanese Professional Association) <https://www.sudaneseprofessionals.org/en... accessed 12 April 2019.
- 8. زبيري حسين ‘الحركة العمالية والنقابية والبحث عن العدالة الاجتماعية في الجزائر’ معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأمريكية ببيروت (شباط/فبراير 2017) <https://tinyurl.com/y36g38s9>
- 9. ورقة مقدمة من عضوة الملتقى، السيدة عبير أمنينة
- 10. نظرا لتعذر الحصول على الاحصائيات على مستوى ليبيا ككل، فإننا نأخذ مدينة بنغازي كنموذج للواقع النقابي يمكن إسقاطه على ليبيا ككل.
- 11. الدليل النقابي لأمانة شؤون النقابات والاتحادات والروبط المهنية، شعبية بنغازي
- 12. المرجع السابق
- 13. مهندس إبراهيم الغماري، أمين شؤون الاتحادات والنقابات والروابط المهنية بالمؤتمر الشعبي لشعبية بنغازي
- 14. عمران بورويس، المحاماة في ليبيا (1999) بنغازي، ليبيا; أعداد مختلفة من مجلة المحامي.
- 15. المهندسة هالة عوضي لنقي، الأمين المساعد لنقابة المهندسين في بنغازي، 1997.
- 16. يبلغ إجمالي عدد اعضاء هيئة التدريس 2856، منهم 1226 من الاناث، و1630 من الذكور، ادارة اعضاء هيئة التدريس، الادارة العامة، جامعة بنغازي.
- 17. "المشاركة العامة للنساء الفلسطينيات" ورقة مقدمة من عضوة الملتقى السيدة ريما نزال.
- 18. نقابة المهندسين الأردنيين "اللجان النقابية" < https://tinyurl.com/y6npkbtv>
- 19. نقابة المهندسين الأردنيين "خطة عمل مجلس النقابة الثامن والعشرين 2018-2021" < https://tinyurl.com/y2xutn2r>
- 20. مجلس الدورة 30، نقابة صيادلة الأردن < https://tinyurl.com/y4mrqlyc>
- 21. Nadia Shabana, ‘Status of Women’s Participation in Jordan’s Trade Unions and Professional Associations’ (The Jordanian National Commission for Women 2016) <http://www2.unwomen.org/-/media/field%20... accessed 18 April 2019.
- 22. قانون العمل رقم 6 لسنة 2010 في شأن العمل في القطاع الأهلي، البوابة الإلكترونية لدولة الكويت <https://www.e.gov.kw/sites/kgoArabic/For...
- 23. نقابة العاملين بوزارة الصحة، الاتحاد العام لعمال الكويت <http://www.ktuf.org/org/other/HealthMini...
- 24. نقابة العاملين بشركة ناقلات النفط الكويتية، الاتحاد العام لعمال الكويت <http://www.ktuf.org/org/other/KOTC>
- 25. تعميم رقم (1) لعام 2003م في شأن أحقية العاملين الذين تسري عليهم أنظمة الخدمة المدنية في الانضمام إلى النقابات العمالية، ديوان الخدمة المدنية بمملكة البحرين (10 فبراير 2003) <https://www.csb.gov.bh/ar/civil-service-...
- 26. "مبارك: استهداف النقابيين في بعض الشركات يخلق تخوفاً" جريدة الأيام (9 يونيو 2016) <https://www.alayam.com/alayam/Parliament...
- 27. راجع/ي المرجع السابق
- 28. "تقرير المرحلة الأولى 2014 – 2018" الاتحاد العام لعمال سلطنة عمان <https://www.gfotu.org/uploads/All.pdf>
- 29. ‘Strengthening Women’s Political Participation: Eleven Innovative Approaches from GIZ Governance Programmes’ (GIZ 2014) <https://www.giz.de/de/downloads/giz2015-... accessed 16 April 2019.
- 30. ‘The Status of Women in The Middle East And North Africa: Focus on Yemen Civic and Political Participation’ (International Foundation for Electoral Systems (IFES) 2010) <https://www.ifes.org/sites/default/files... accessed 16 April 2019.
- 31. "قبل أربع سنوات من بدء بطولة كأس العالم لعام 2022 في قطر: أوضاع حقوق العمال الأجانب" منظمة العفو الدولية <https://www.amnesty.org/ar/latest/campai...